هذه الرسائل القصيرة التي لن ترسل لك ، أفتح عيني هذا الصباح و أبحث عنك لأتمنى لك العمر المديد و عمرك انقطع منذ سنين ، كل الذي يكبر الآن بين أضلعنا هو فقدك ، ميلاد الحنين و الذكريات و الحسرة و ربما الرضا بقضاء رب العالمين ، اليوم لن أرسل لك رسالة نصية لان رقم هاتفك صار ملكا لشخص آخر ، لن أعد لك هدية و لا أعلم بعد هذه السنين كيف تراه تغير ذوقك ، كم صار عرض منكبيك كم صار طول رجليك أي حذاء قد يعجبك و أي هدية قد توضع بين يديك فيبتسم ثغرك ، أحاول بجهد جهيد أن أركب في خيالي الأغبش صورة لملامحك التي تكبر و لا اعرف في قلبي و روحي وجهك البربيء الطفولي الذي دفناك به هو اخر ما نملك ، لقد سرقوا منا آثار الزمن على وجهك و روحك ، لن أعرف أبدا كيف ستكون في عمر الثالثة و العشرين و ما تغير فيك ، أستمر بتخيلك واقفا في كل الصور التي جمعتنا من دونك ، استمر في سؤال نفسي عن رأيك و مواقفك في كل الاحداث التي مرت و انت لست معي فيها و استمر بالحسرة أن لم أرك تحمل ولدي بين يديك و أخبره انك خاله الحبيب ، لم تشاركنا لحظات الفرح المسروقة من بؤس الحياة و الجديد المنبثق رغما عن الركود و تحضن معنا رحمات رب العالمين علينا بعد السنين العجاف ، لم تكن حاضرا الحضور المادي في كل ما تمنيت لو أنني امسك يدك أنت و وفاء بينما نعيش و نختبر الحياة بحلوها و مرها و لكني كنت أمسك يدك في خيالي و أحادثك في قلبي ، روحي لن تنفصل أبدا عن روحك مهما كان عدد السنين التي سأطوي و اعد بعدك ، لقد فرضت على الغياب حقيقة حضورك الروحي بأن أفكر فيك في كل اللحظات يا طفلي الذي لن يكبر ، أفتقدك و ابكيك و أتحسس في روحي فجوة غيابك ، اي الهدايا تعبر العوالم و تصل إليك أي دعاء قد يجعل روحك تبتسم عند ربنا أي صدقة يمكن أن تقرع جدران السماء إليك يا ربي أنا الفقيرة إليك لا املك لأخي سوى حبي و هذه الدموع ، أبكي و أسأل له الجنة و نعيمها و العوض عندك يا رب ، أُمني نفسي أن الحياة شقاء و أنه نجا و أن الدار الحق ليست هذه و انه سبقنا فارتاح و لكنني أفتقده يا ربي أردته ان يبقى تحت عيني لقد كان حبيبنا الطيب الجميل الذي لم أر في طيبته و حنانه يا أحن و ألطف من عرفت يا ملاكي الأعز عساك تكبر عند ربنا و تزهر في ظلال الجنة ..
يا ربي أنر قبره و اغفر له و ارحمه و أسعد روحه الطاهرة أحبك يا كبدي أحبك و انتظر اللقاء ..
"الذاكرة لا تقتل. تؤلم الماً لا يطاق، ربما. ولكننا إذ نطيقه تتحول من دوامات تسحبنا إلى قاع الغرق إلى بحر نسبح فيه. نقطع المسافات. نحكمه و نملى إرادتنا عليه."