يُعجبني التعبير القُرآني في قوله تعالى: ﴿وفي السّمآء رزقكم وما توعدون﴾، وفي السّماء.. لفظة يتعلّق بها القلب إلى ربّه الأعلى، لفظة تُورث في القلب معنى التوكل والتفويض والتخلص من التعلّق بأسباب أهل الأرض، وفي السّماء، مصدر واحد، جهة واحدة إن قصدها العبد؛ اطمئنّ كثيرًا واستراح..
أنت لا تُدرك .. كيف يحميك الله بالمنع والتَّأخير من قرارات بنيتها في بالك، غذاؤُها الوهم والانبهار ولو أنَّكَ صَبَرتَ لاستَرَحت، وأحسنتَ التسليم لأمنت، وحسن يقينُكَ لَقِنِعت بأنَّ ربُّ الخير لا يأتي إلا بالخير وأنَّ الإنسانَ خُلِقَ عَجولا، يحبُّ تقديمَ ما أَخْرَ اللَّهُ مِن الفرج كي لا تنقطع أسباب العافية عنه أبدا، ويحب تأخير ما قدم الله من البلاء كي لا تمسه أسباب الشقاء في يومه أبدا قدَرُكَ مُلاحِقُكَ، وقضاؤُكَ واقع عليك والمكتوب لك لا يضيع طريقه إليك، وقد يُحمَلُ لكَ على ظهر ما لا تُطيق، فهون على نفسك، وتخفف من جزَعِكَ، وَالصَّبرُ سِنام الصالح من العمل ورزقُكَ خلف بابك، والباب لا يُفْتَحُ على ضعف ووهن حتَّى تُبتلى، وتُصقَل ، وتتجلد ، وتتمكّن ، وتُمسي أهلاً لاستقبالِ نِعَمِ لو أتتك على ضعف لفتننك، لكن الله أخرها رحمةً ورأفة بك.
إنَّكَ لا تختار حين تُحبّ، ولا تحبُّ حينَ تختار، وإنَّنا مع القضاءِ والقدر حينَ نُولد، وحينَ نُحبّ، وحينَ نَموت. وإذْ يسألونكَ عنِ الحُبّ قُل: هو اندفاعُ روحٍ إلى روح، ويسألونك عن الرُّوح.. فماذا تقول؟
إنَّ بينكم قومًا يقصدون الثرثار المهذار، ضجرًا من الوحدة والانفراد؛ لأنَّ سكينة الوحدة تبسط أمام عيونهم صورة واضحة لذواتهم العارية، يرتعدون لدى رؤيتها فيهربون منها.