Tumgik
Text
بورتريه: الشيزوفرينيا العصرية
             قررت استغلال عطلتي الطويلة ، التي حصلت عليها للتو من عملي فيما انحاز اليه شغفا ولا أقدر على مجاراته أثناء عملي، قررت أن أعد قهوتي وأستكمل قراءة كتاب “ جاسوس لا تشوبه شائبة ” الذي قد شرعت في قراءته منذ فترة طويلة ولم يسعفني الوقت لإستكماله، ذهبت إلى المطبخ لأعد قهوتى وبينما أنا منتظر غليانها، غلبني الشرود في مواضيع وأفكار عقيمة قد انفجرت برأسي عندما وصلت لأوج هيجانها وعدم قدرتها على الإختباء أكثر من ذلك، فثارت مندفعة من عقلي كالبركان متعجبة من صموتي عنها كل تلك الفترة ! 
             بدأ شريط الأحداث مع جارتنا، التي أوشكت على أن تزوج بنتها الوحيدة، عندما أتت لأمي لتشتك لها من خطيب ابنتها الذي اختار فستانا للزفاف ترى الأم أنه فيه ملامح عري ولا يتماشى مع عاداتهم وتقاليدهم المحافظة ، بينما اختارت العروس لنفسها فستانا أكثر حشمة مما اختار هو، أعجبت بفكر الفتاة وثقافتها والتزامها بحجابها واصرارها على التمسك بمبادئها الذي قد تكلفها الكثير في هذا الزمان - فهناك فئة ليست بهينة يسلكون درب خلع الحجاب في يوم زفافهم أو لمناسبة ما اعتقادا منهم أنه يوم احتفال ولا مانع في ذلك، ولم أجد أيضا حتى الآن سببا مقنعا لما يقمن به - وتعجبت لأمر خطيبها الغريب المطالب بأن يكون الأحرص على عفتها والتزامها، لكن لم يدم اعجابي بمبادئ العروس طويلا، فعندما ذهبت مع أمي لنبارك لهما على زواجهما شاهدت بأم عيني العروس وهي مندمجة في الرقص، تؤدي دور راقصة على أكمل وجه مستمتعة بنغمات الأغاني الشعبية ومستقبلة التصفيقات الحارة والصافرات من زوجها في المقام الأول والمدعويين من وراءه، بما لا يليق مع ملابسها المحتشمة كما لو أنها حصلت على كورس للرقص الشرقي من مدرسة فيفي عبده الدولية المعتمدة ، فتسائلت في قرارة نفسي لماذا كان الخلاف من البداية على شكل الفستان محتشم أم خليع طالما أن العقل في الأصل غير محتشم! وعندما توجهنا لجارتنا لتبارك أمي لها قابلتنا بابتسامة انتصار قائلة: شوفتي يا أم هاني البت مبسوطة ازاي إنها جابت الفستان اللي عاوزاه ، فما كان مني إلا أن اتقبل الصدمة بصدر غير رحب فنقاشات من هذا النوع ومع هؤلاء الحمقى والمغيبين تهوي بك لمستواهم، فتلك الأم جل اهتمامها منصب على أن ترتدي بنتها ملابس محتشمة، حتى وان فعلت بتلك الملابس ما لا يتماشي مع دينها أو أخلاقها، إنها فكرة الكيل بمكيالين تماما، شيزوفرينيا عصرية وعدم فهم وادراك لماهية الموقف، الأهم ألا تظهر بمظهر عري، لكنه لا مانع لديها أن تتمايل بجسمها وتعرض مواهبها المدفونة تحت مسمى “ ده يوم في العمر “، لطالما بررت الراقصات فنهن الهادف، وفسر الممثلون سبب وضع قبلة في هذا المشهد، ووضح الساسة موقفهم أمام الجميع وسقط اللاعبون مدعين أنها ركله جزاء، لكننا نوقن تمام اليقين أنهم كلهم كاذبون ، وعلى كل فإنني لم أجد أفضل من الصمت في هذا الموقف لكي أعبر به عن ردي ووجهه نظري.
                أما جارنا الذي يسكن في الطابق الأول ويستخدم دائما المصعد ليصل لباب شقته، قادني القدر لمقابلته أثناء عودتي للمنزل، وكان دوما ما يشكي للصغير قبل الكبير حال زوجته، استغل الفرصة وشرع يسرد على حياته السوداوية، وأنه لم يعد يطيق زيادة وزنها الهائلة  وانصباب جل اهتمامها على وصفات الطعام من هنا وهناك ومتابعة المسلسلات التركية والأفلام الكورية ومعايرتها له دوما بقولها: بص شوف الرومانسية والرجالة بتتعامل ازاي واتعلم، وأنها لم تعد تهتم بحالها وهيئتها كما كانت من قبل، ظللت أستمع لحديثه مذهولا، كيف لرجل في غاية السمنة واهمال النفس وبشاعة المظهر أن يصف زوجته بتلك الصفات، كيف يبرئ نفسه من تلك التهم التي يلصقها بزوجته وهو على شاكلتها نفسها، كيف له أن ينتظر منها أن تهتم بحالها وهيئتها وهو قابع في شرفته يدخن بشراهة مرتديا فانلة داخلية تكاد تنفجر من فرط الدهون القابعة تحت جلد بطنه، شغله الشاغل التدخين والنظر إلى النساء من شرفته المطلة على الشارع الرئيسي تاركا بالداخل جارية قد حصل عليها منذ عدة سنوات تجهز له ما لذ وطاب ليدسه في فمه الذي يرعب كان من كان عندما يتثاءب، وفور انتهاءه من الطعام  ينشط جنسيا كأي حيوان طبيعي يريد أن يشبع غريزته الجنسية ! عجبا لهذا الفحل الذي لا يفقه شيئا عما يدور حوله، حيوان بكل ما تحمله الكلمة من معنى، يستيقظ ليأكل ويمارس الجنس وينام غير عابئا بأية أمور أخرى، يسلط الضوء على عيوب زوجته كما لو كان قديسا أو شيخا، مرآته مهشمة لا يستطيع أن يرى نفسه فما بيده حيلة إلا توجيه اللوم على المسكينة التي من شأنها الحصول على جائزة الدولة التقديرية لصبرها عليه كل تلك السنوات، استمعت لهراءاه المتكرر حتى انتهى منها وقال لي: متتجوزش يا بني بلاش نكد وقرف دي حاجه هم وأخرج مفتاح شقته من جيبه ودسه في الباب، لم أخطو خطوة واحدة حتى سمعته يقول لزوجته: عاملالنا ايه النهارده على الغدا ؟ ، فما كان مني سوى القهقهة سخرية، داعيا الله أن يخلص تلك المسكينة منه. أناني من الدرجة الأولى، مغيب عن العالم الواقعي، وحاملا لدرجة الدكتوراه في القاء اللوم على زوجته أيا كان فعلتها، حتى وإن كانت لا دخل لها بالمشكلة، صورة نمطية لزوج قد ترعب المقبلين على الزواج وربما تحذر من يفكر فيه ولكنها تبعث برسائلها شديدة اللهجة للجميع. 
             انتبهت إلى صوت فوران القهوة التي كنت انتظرها بفارغ الصبر حتى أكمل كتابي، يبدو أنه غير مقدر لي أن أشرع في استكماله الآن فلا تروق لي القراءة بدون القهوة ولا تروق لي القهوة المغلية. تخوفت من عمل فنجان قهوة آخر قد يقودني لأفكار سوداوية أكثر فأكثر قد تدفعني للجنون ويتهمني المجتمع والبشرية جمعاء أنني شخص معقد نفسيا.
42 notes · View notes
Text
قدام محجوز يا أستاذ
صَوتُ مِذياعٍ صاخِبٍ يُزلزلُ الرأس، كأنَّه موتٌ أسود، لا تخرج أصواته إلا مشوهةً كأنَّها لا تعرفُ للمعنى سبيل، إنها المهرجانات الشعبية الشوهاء، التي طالما أفسدت الذوق، وغيَّبت الجمال في ثنايا القُبحِ والعفن، ودخانٌ مُتسلِل، يشق طريقه إلى أنفك بكل وقاحة؛ ليخترق جسدك غصبًا، كأنَّه الأكسجين، لحظات هي حتى تنتفض معدتك ورئتاك ثورة على هذا الدخيل الفاسد، وألفاظ حادة، تتوارى منها الأسماع، تخترق أذنيك عنوةً، دون سابق إنذار، كأنَّها قدر نافذ، وحركات تموج بها السيارة يمينًا ويسارًا، تشعر معها وكأنَّك تفاحة تقطع طريقها في الخلاط؛ لتصبح عصيرًا، كل ذلك مصدره شخص واحد، يجلس في الأمام ويقود السيارة، إنه السائق، أو الديكتاتور الصغير.
المواصلات العامة لعنة يومية، تنزل بكل من لا يملك سيارة خاصة، ويتجه إلى عمله في القاهرة، وكيف السبيل إلى تفاديها؟ والوضع من ضيق إلى أضيق، والاقتصاد غارقٌ، والمشروعات القومية الوهمية في كل مكان، وبطون المسؤولين الفاسدة لا يقدر على ملئها إلا الحجارة؛ فالمصري في كدٍ وتعب، يبحث عن رغيف العيش ليل نهار؛ ذلك أن الأسعار ترتفع كل شهر بسرعة الصاروخ، وتقتطع من جسد المسكين، يومًا بعد يوم، حتى لم يعد في قدرته ما يقدمه، فارتفع ثمن كل شيءٍ، وهبطت قيمته، ولم يعد له وزن، المواصلات مهلكة نفسية، وتهلكة فورية، يذهب إليها الإنسان على مضضٍ كل صباح، ليواجه مصيرًا قاتمًا، محفوفًا بالغموض والمجهول، المواصلات سجون متحركة في الشارع، لا قيد فيها ولا قضبان، كراسيها مضنية، لا تشعر عليها بالراحة أبدًا، نوافذها خربة، لا تحمي من برد الشتاء، ولا تمنع من حرارة الصيف.
ويزيد هذا السوء كله سوء أكبر، لا مفر منه، ولا سبيل إلا غيره، إنه السائق، هذا الديكتاتور الصغير، الذي يتخيل واهمًا أنه أكثر الناس فهمًا للأمور، وأسرعهم بديهة، وأفصحهم لسانًا، وأنبغهم عقلًا، لكنَّه النقيض تمامًا؛ إذ هو ضيق الفكر، مشطور العقل، ليس له بالذكاء صلة من بعيدٍ أو من قريب، لا يملك إلا لسانًا سليطًا، وحنجرة مدوية، لا يخرج الصوت منها إلا كما يخرج للأفق دوي الانفجار، عبثًا يأمر وينهي، يزجر ويُعنِّف، يغضب ويعاقب، يُعقِب على أي شيء، ولا يسمح لأحد أن يعقب على رأيه، به لوثة، تجعله يتظاهر بالصمم حينًا، وبالبكم أحايين أخرى؛ فلا يرد إلا عندما يستهويه الكلام، ولا ينصت إلا لمن يهلل له، ويؤمن على ما يقول؛ ذلك أنه يعتبرك غير خليق بالسداد، وحسن الرأي، فكيف يلتفت إليك بسهولة أو يعيرك نظرة، وهو صاحب السلطة الأكبر في السيارة، وبين يديه مفاتيحها؟
غير أنَّه لا يقنع بذلك فحسب، بل يزيد على ذلك أنَّه، يقف إلى جوار الباب الأمامي، المجاور لمقعده، كالثعلب المكَّار، يتلهف لملاقاة سيدة أو شابة، ليعرض عليها الجلوس إلى جواره، يتفوه بها بكل خسة وانعدام للرجولة، ولا يسوؤه أن ترفض الواحدة منهن عرضه، في أنفٍ واشمئزاز؛ فيستمر في تقديم عرضه الجذاب، فإذا لم يجد مفرًا من مجالسة رجل، فهي الخسارة، وقد يغضب، ويرفع صوته على شابة مسكينة، لأنها أوقفته في المحطة التالية لمن نزل قبلها، كأن الراكب مسكين يذهب إليه يستعطيه، فيعطف عليه، لا كأنها سيارة أجرة، تدفع له فيها قبل وصولك، أي ذل هذا، وأي هوان ذلك؟
المُحزِن أنَّ السيارة لا تخلو من مهللين، وجبناء، يصطفون في صفه -صف الظلم والفساد- ويعطونه الفرصة ليظلم كل من وقف في وجه فساده وجوره، وفي طريق غطرسته، وغروره، وقال: “لا” لا لشيء إلا لأنه يريد أن يصل سريعًا، إنَّهم أنصار ذلك المنطق الخرب، أن تصل سريعًا مذلولًا، خيرٌ من أن تسير الطريق مرفوع الرأس، مكرمًا، وتصل متأخرًا، أولئك هم ديدن الظلم، والفساد في كل عصر، عبيد الطرق المختصرة، التي لا تعرف للكرامة، والأمانة شيئًا، وأولئك أيضًا هم من يصنعون الديكتاتور، فما أضيق صحبتهم!
ولكني كلما وقفت على هذه الظاهرة، متأملًا، ممعِنًا النظر، أدركت حقيقة لا غبار عليها؛ أن السيارة رغم ضيقها ليست إلا صورة مصغرة لمجتمعنا المصري، الذي رضيَّ بالديكتاتور الكبير، من يسلبنا حقوقنا كل يوم باسم الوطنية، والشعارات المصطنعة، ويدنينا من الموت خطزة تلو خطوة؛ فالدخان المُتسلِل إلينا غصبًا من سجائر السائق، ليس إلا انعكاسًا للظلم الذي نتجرعه في المعيشة والصحة والتعليم، والأصوات الصاخبة التي تزلزل رؤوسنا، كأنها الموت ليست إلا سوط الديكتاتور، وعصاه التي تكبل آراءنا وتخرس حناجرنا، والنوافذ الخربة والكراسي المضنية، ليست إلا صورة للفساد الذي يكسو كل شبر في هذا الوطن، وهؤلاء الذين يهللون للسائق في كل حركة وفعل ليسوا إلا المنتفعين، حاشية كل ديكتاتور، من يأكلون في بطونهم حقوقنا في كل عصر.
15 notes · View notes
Text
النزعة الإستهلاكية " ما بين الإدمان والفشخرة الكدابة"
يدق جرس الساعة الرابعة من مساء الأول من يوليو، في أحد طوابق مبنى فاخر يقع في حضن أرقى شوارع المدينة. يفتح مدير شركة ناشئة شباك مكتبه فيداعب نسيم ربيعي شعره المصفف بعناية، يستنشق نفسا عميقا، يستشعر الإحساس بالفخر والرضا، ثم يعود إلى مكتبه يتفقد حسابه البنكي، بعد خصم نفقاته، يتبقى من دخله مبلغ محترم يضاف إلى مدخراته، يراجع الأرقام في الشاشة مرة أخيرة، يلتقط معطفه ويخرج مسرعا ليبدأ السهرة من أولها مع رفاقه.
على مدار اليوم والأيام التالية، تختفي مشاعر النشوة والفخر وتحل مكانهما شيئا فشيئا مشاعر أعمق، رغبة ملحة في تأكيد نجاحه ورفعته الطبقية، يريد أن يعرف كل أقرانه أنه صار أعلى مكانة وأحق بلفت الانتباه، يريد أن يعرف ذلك مَن هم أقل منه مالا وعددا، النادل في المطعم والبائع في الكشك والسكرتيرة في المكتب وغيرهم ممن لم يؤتوا مثل ماله وجاهه. لم تعد الساعة الفاخرة التي اشتراها من شهرين كافية لإشباع رغبته، ولا هاتفه الذكي الذي يحمله في يديه في مكان مرئي، ولا حتى سيارته طراز السنة الماضية، فيسارع لوضع خطة إنفاق جديدة تليق بمكانته ورغبته في استعراض مكانته.
ما إن يبدأ مسعاه لتحقيق هذه الرغبات حتى تلتقط خوارزميات مواقع الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي رائحته كضحية جديدة تواقة للاستهلاك، فتبدأ باستهدافه بقدر هائل من الإعلانات الموجهة ومنشورات المؤثرين التي تعرض عليه سلعا وخدمات لا تخاطب حاجات أساسية بل رغبته في المكانة والحصرية والتميز والتفوق على أقرانه، وإشباع غطرسته ونرجسيته وتسكين حسده وتطلّعه إلى الآخرين.
لا يقتصر هذا الأمر على السلع، بل يمتد إلى الخدمات والهوايات والاهتمامات، فنجد زوجته تصر على تحمّل نفقات باهظة وإرهاق طفلتها بمقابلات مزعجة لتحصل على فرصة للدراسة في مدرسة من مدارس النخبة المكلفة، والتي قد لا تختلف جودة التعليم المقدمة فيها عن مؤسسات أقل كلفة، لأن صديقتها لا تكف عن نشر صور ابنها في باحة المدرسة واختلاق المواقف التي تُظهِر مدى تميز الفئة التي ترتاد هذه المدرسة.
يلتقط المخرج الكوري بونغ جون هذه النزعة في فيلمه “الطفيلي” (Parasite) عبر تصويره لاهتمام العائلة الغنية في الفيلم بالفن وسعيها لاقتناء الأعمال الفنية، يقول: “تريد هذه العائلة أن تقول “نحن لدينا المال، لكننا راقون أيضا. لسنا متفاخرين ولسنا محدثي نعمة”. لهذا يعيشون في بيت صممه معماري مشهور. يريدون القول “إننا نعرف الفن، ولدينا ذوق فني”. ويريدون التشديد في كل لحظة على أنهم ليسوا أغنياء مبتذلين. ما يريدونه حقا، وهذا شيء يقوله السيد بارك صراحة في الفيلم، هو أن يرسموا خطا يحيط بعالم الرقي ولا يريدون أن يتجاوزه أحد”.
كتب عالم الاقتصاد والاجتماع الأميركي النرويجي تورستين فيبلن في كتابه الشهير “نظرية الطبقة المترفة” أن الاستهلاك التفاخري ظل على مدار التاريخ البشري سلوكا ملازما لأصحاب المال والسلطة يحاولون من خلاله رسم خط فاصل بينهم وبين الطبقات الأدنى، وحتى بينهم وبين أقرانهم. يعني مصطلح الاستهلاك التفاخري الذي صاغه فيبلن شراء سلع وخدمات باهظة الثمن لاستعراض الثروة والنفوذ وليس لتلبية حاجات حقيقية. ينهج المستهلكون المتباهون هذا السلوك للحصول على مكانة اجتماعية أعلى، بغض النظر عن إن كان استهلاكهم هذا يوفر لهم جودة أفضل أم لا. يستشري هذا السلوك في عموم الطبقات وبين بعضها بعضا، ونتيجة لذلك ينشأ مجتمع يتسم بهدر الكثير من المال والوقت.
يستخدم الاستهلاك وسيلة للحصول على المكانة والتدليل عليها. ومن رحم الاستهلاك التفاخري ولد الإهدار التفاخري. فمعظم صناعة الإعلانات والدعاية المعاصرة تسعى لخلق مجتمع “مهووس بالامتلاك” قائم على مفاهيم التباهي والمنافسة على التفاخر والتميز. ينبع الاستهلاك التفاخري من سعي عميق ومتجذر لدى الإنسان على مر تاريخه، كمثل سعيه لتلبية حاجاته الأساسية من الأكل واللباس والسكن، وهو السعي للمكانة الاجتماعية.
ورغم أن مصطلح الاستهلاك التفاخري استُخدم أولا لوصف سلوك الطبقة المترفة، فإن الدراسة التي أعدّها علماء الاقتصاد كيروين تشارلز وإريك هارست ونيكولاي روسانوفا تُظهِر أن هذا السلوك أكثر استشراء في الطبقات الاجتماعية الفقيرة وفي الاقتصادات الناشئة. ففي حالة هذه الطبقات يُستخدم هذا النمط من الاستهلاك في إخفاء فقر الشخص أو انتمائه لطبقة متوسطة. ولعل أبرز مثال على ذلك هي المجوهرات كبيرة الحجم التي تلقى رواجا لدى الطبقات منخفضة الدخل، أو السعي المحموم لاقتناء الملابس من علامات تجارية غالية كدليل على الرفعة والمكانة.
بحسب دراسة أُجريت سنة 2010، يلعب الاستهلاك التفاخري دورا كبيرا في تكريس فقر الطبقات الدنيا، عبر مساهمة هذا النمط من الاستهلاك فيما يسميه العلماء بفخ الفقر، أو الفقر الذي يعيد إنتاج نفسه. وفقا للدراسة، تنفق الأسر الفقيرة جزءا كبيرا من دخلها على سلع لا تساعدها في تخطي فقرها أو تحقيق معدلات ادخار أعلى. يرى مؤلفو الدراسة أن السبب في ذلك هو ميل هؤلاء الأفراد لإخفاء فقرهم عبر الاستهلاك التفاخري أو السلع الاستعراضية التي تخفي مستوى دخل الفرد الحقيقي.
في عام 2015 أعدّ الباحثان الأميركيان ديفيد تيلور وديفيد ستروتور دراسة عن دور شبكات التواصل الاجتماعي وفيسبوك تحديدا في زيادة حِدّة الاستهلاك التفاخري لدى روادها. تمنح هذه الشبكات الناس القدرة على عرض أنفسهم في أفضل صورة عبر تعديل الصور وتنميق الكلمات التي يُعبّرون بها عن أنفسهم.
تتم هذه العملية بحسب ما جاء في الدراسة عبر عرض مجموعة من سلع فيبلن التي تعمل بمنزلة وسيط للتعبير عن السعادة والرفاهية. يتعاظم بفضل هذا النوع من التفاعل الاجتماعي مركّبان نفسيان سلبيان هما الحسد والنرجسية. الأول ينطوي على نظرة سلبية للذات يستشعر فيه المرء بؤسا دائما لافتقاره لما هو بحوزة آخرين. أما الثاني فينطوي على نظرة سلبية للآخرين يولي فيه المرء أولوية دائمة لإشباع رغباته الشخصية بغض النظر عن الآخرين. وللتعامل مع هاتين الحالتين النفسيتين يجد المرء نفسه مدفوعا للترويج للذات والبرهنة على مكانتها عبر أنماط مختلفة من الاستهلاك التفاخري، والاستعراض، واستهلاك الذات، وتحقيق صورة وهمية بالمكانة بدلا من تحقيق هذه المكانة بأسبابها المادية الواقعية.
https://muhanadonsy.blogspot.com/2021/07/blog-post.html
25 notes · View notes
Text
Tumblr media
87 notes · View notes
Photo
Tumblr media
ديلان موران
16 notes · View notes
Text
حاولوا دفننا ولم يعلموا أننا بذور.
تشي جيفارا
Tumblr media Tumblr media
111 notes · View notes
Photo
Tumblr media
I am forever grateful for all the people that let me step in their lives and allow me to photograph them. I’ve always been somewhat uncomfortable in-front camera and I can quickly tell if someone is exactly the same. My shyness in front of camera has taught me how to treat others with care and respect when taking their picture. I see so much of myself in her! To me this portrait is very special and I’ll hold close to my heart. It brings me great joy to portray someone in their own light, and for them to be happy with it. After a few photos, this was her personal favorite, and it’s mine too.
Thank you Zuhaira ♥
https://www.instagram.com/everydaystoriesblog/
28 notes · View notes
Text
Uganda time 🌴🐒
New destination, new culture
Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media
https://www.instagram.com/p/CPoL49TrOV7gPhMgpvwZ51UgsNG2CAOrbZ8tjE0/?utm_medium=copy_link
43 notes · View notes
Text
Muzdalaf ❤️
https://www.instagram.com/p/CQEqMhqLItn83ogH0GwK3UOBQyav4JvkE3WPMI0/?utm_medium=copy_link
Tumblr media Tumblr media Tumblr media
38 notes · View notes
Photo
Tumblr media
34 notes · View notes
Text
Zanzibar 🌴
28.10.2021
Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media
25 notes · View notes
Text
Mis amigos ♥️🐈
Tumblr media Tumblr media
23 notes · View notes
everydaystoriesblog · 17 days
Text
Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media
Bonjour ☕
17 notes · View notes
everydaystoriesblog · 17 days
Text
Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media
🇸🇦 There is always first time 😭🙏🕋
12 notes · View notes
everydaystoriesblog · 17 days
Text
Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media
♥️🕋🇸🇦
3 notes · View notes
everydaystoriesblog · 17 days
Text
Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media
🕋♥️🇸🇦
4 notes · View notes
everydaystoriesblog · 17 days
Text
Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media Tumblr media
🇸🇦
20 notes · View notes