{ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ } يوصل بره وإحسانه إلى العبد من حيث لا يشعر، ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمور يكرهها، { إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ } الذي يعلم ظواهر الأمور وبواطنها، وسرائر العباد وضمائرهم، { الْحَكِيمُ } في وضعه الأشياء مواضعها، وسوقه الأمور إلى أوقاتها المقدرة لها.
يقول: اتباعي ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب على الإسلام ، وتركي ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون ، من فضل الله الذي تفضّلَ به علينا ، فأنعم إذ أكرمنا به ، (وعلى الناس)، يقول: وذلك أيضًا من فضل الله على الناس ، إذ أرسلنا إليهم دعاةً إلى توحيده وطاعته ، (ولكن أكثر الناس لا يشكرون)
مرحبًا يا عزيزي، لقد اشتقت إليك، أشعر كما لو أنني لم أكتب إليك منذ سنوات طويلة، رغم أنني كتبت لك رسالة البارحة. كان يومي ممتعًا ومجهدًا في الوقت نفسه، فقد شاركت كمتطوعة في تنظيم ندوة في جامعتي، وتعرفت خلالها على العديد من الطلاب من مختلف المراحل الدراسية، وأعتقد بثقة أن هذه العلاقات ستفيدني كثيرًا في المستقبل.
عزيزي، هل فكرت من قبل أنك نشأت في بيئة تساهم في صنع الشخص الذي ترغب أن تصبحه، بالرغم من عدم تدخل والديك أو شيء من هذا القبيل؟! على سبيل المثال، كيف تم ألقاء سيدنا موسى في اليم ليعيش في قصر فرعون أو كيف تم ألقاء سيدنا يوسف في الجب ليصبح عزيزًا على مصر؟ أدرك أن مقارنتي بهما قد لا تكون ملائمة، إذ أنهما من أنبياء الله المصطفين، ولكن هذا ما أشعر به ، لقد نشأت وتربيت على أشياء دون تدخل والدي فيها. فلم تكن والدتي كاتبة ولا والدي كاتبًا، ولا أتذكر أنني رأيتهما يقرأن أو يلقيان الشعر حتى. أما أنا، فرسائلي لك ليست أول ما أكتب، فلا تفهمني بطريقة خاطئة، لم أكتب رسائل لأحد غيرك من قبل، ولكن ما أقصده هو أنني كبرت وأنا أكتب يومياتي، مقالات، نثر حر، قصص للأطفال.
لا زلت أتذكر أول دفتر يوميات كتبت فيه، سميته "في الطريق"، كان عمري حينها ثماني سنوات فقط، كنت أهدي هذا الدفتر ورقة شجر أو زهرة اقتطفها في كل يوم عند عودتي من المدرسة سيرًا على الأقدام، ثم ألصقها في دفتري "في الطريق". حين بدأت أقتطف الأوراق، بدأت أركز على أنواع الأشجار والنبات الموجودة في الشارع لأكون حريصة على عدم قطف ما قطفته من قبل، والقصة التي لم يخطر ببالي تسميتها حتى، والتي كتبتها على ورق أصفر اللون.
ثم، وأنا في الثانية عشرة من عمري، كتبت قصة للأطفال بعنوان "علياء وعُلا" وقمت برسمها أيضًا، فهذا بديهي، هل رأيت قصة للأطفال بدون رسومات؟! وبعد ذلك، وأنا في الخامسة عشرة كتبت رواية بعنوان "الروح الطائرة" تحكي عن مغامرات فتاة يتيمة في الميتم تموت وتتحول إلى روح طائرة، فيعيش القارئ معها أحداث الرواية في محاولتها العودة إلى جسدها، وكتبت بعض المقالات والنثر هنا وهناك.
أتذكر بيتًا واحدًا من كتاباتي النثرية حين قلت:
"متى نتحرر من قيد الحياة؟
قيد يقيدنا، يعيق تفكيرنا،
يشردنا، يدمرنا، يُبكينا قهرًا على ما فاتنا."
رغم أن لا شيء من أعمالي الطفولية هذه انتشر أو توزع، ولم يخطر ببالي فعل ذلك حتى، إلا أنني كنت سعيدة بقراءة صديقاتي وأهلي لكتاباتي، والآن أنا سعيدة بتذكري لهذه اللحظات. تشعرني كما لو أنني رضعت الكتابة وحبها منذ مهدي مع حليب أمي.
وها أنا الآن أستفيد من كل هذه التجارب البسيطة التي جعلت مني إنسانة كبيرة، رغم عدم اكتمال معرفتي بالكتابة وعدم إتقاني لها، ولكنني أصبحت أعرف تحريك قلمي وأفكاري أسرع، وأريد المزيد والمزيد من العلم فيها.
أهي يا عزيزي، أظنني تحدثت عن نفسي اليوم بما يكفي، يا ترى متى سيأتي اليوم الذي تتحدث فيه عن نفسك، أتوق شوقًا لهذا اليوم. إلى حين أن يأتي ، إلى اللقاء.