أحبُّ الوضوح، حتى وإن كان جارحًا، أهون من أن أكون رهنًا للحيرة، أو أن أُترك لتوقعاتي.
فأنا ممن يُفضلون أن تصفعهم الإجابة، على أن تتزايد الاحتمالات بداخلهم.
46 notes
·
View notes
أمس كانت ليلة طويلة في الرعاية المركزة بقسم الأطفال، الحالات كثيرة ومتراجعة جدًا، في هذا المكان المهيب الكل يتحرك لهدف واحد؛ محاولة إبقاء الطفل على قيد الحياة بكل ما أتيح من إمكانات، الكل في عجلةٍ من أمره.. العمال، التمريض، الأطباء، حتى ملك الموت كذلك!
علت صفارات الإنذار على شاشة إحدى الأطفال، أسرعنا نحوه لنجده بالكاد يتنفس، وتشبُّع دمه بالأكسجين يهبط بشكل مخيف.. أخذنا القرار لوضعه على جهاز التنفس الصناعي.
نادت ممرضتنا المجتهدة إسراء: دكتور لا يوجد لدينا أدوية لنخدره بها قبل إدراجه على جهاز التنفس!
ماذا! نفدت؟!
نعم نفدت جميعها فالحالات كثيرة والساعة الآن تجاوزت منتصف الليل بساعتين ونحن لا نحصل على مثل هذه الأدوية إلا في الصباح.
توقفنا جميعا وأنا أصغرهم سنا.. ماذا نفعل؟ الفتى يحتضر أمامنا شيئًا فشيئًا.
استأذنت من كبير الأطباء أن أبحث عن هذا الدواء في العناية المركزة الكبرى في المبنى المجاور لنا، فأذن لي.
ما أردت قوله أني ساعة حملت هذه المسئولية انطلقت مسرعًا بكل ما أوتيت من قلق تجاه السلم ونحن في الطابق السادس إذ لا وقت لانتظار المصعد، وصلت إلى وجهتي، سألت عن نائب العناية فقابلته وشرحت له الأمر فأخبرني أنه لا يملك حق التصرف في مثل هذه الأدوية وأن مناط الأمر عائد للتمريض، استدرت وتحدثت معهن أن الأمر كذا وكذا فأجابتني ممرضة تختبئ خلف طن من مساحيق الزينة المتداخلة الألوان المتقادمة التوزيع، لا يمكن أن أعطيك هذا الدواء لأنه عهدة بعدد.
ساعتئذ لم يكن يجيش في صدري أو يظهر أمام عيني إلا هذا الطفل المسكين صاحب الثلاثة عشر سنة وهو يجاهد ليتنفس، انتفخت أوداجي وانفعلت على من في المكان انفعالا مُركّبا؛ فيه مما ذكرتُ وفيه من تقلباتي النفسية واكتئابي مدة طويلة وفيه من غضبي على الإنسان وكرهي له، أن كيف يقتنع المرء أن القانون أهم من الروح؟ وقتئذ وأنا في غضب واندفاع هددتهم بأني سأخرج من هنا إلى أكبر مسؤل في المشفى لأخبره أنكم قتلتم الولد!
تراجعوا لما تجاوزت حدود الأدب وأعطوني ما أردت دون ثمة كلمة، فعدت مسرعا ليوضع فتانا على أجهزة التنفس عقب نومه بمخدره الذي أحضرناه من فم الأسد.
بدأتْ علامات الفتى الحيوية تعود إلى طبيعتها، علت الابتسامات وحُزت على ربت كثير على كتفي، آه لهذا الكتف كم يحمل من هموم والله!
كبير الأطباء أحضر لي كوب شاي وبعض قطع الحلوى قائلا: أعلم أنك تحب الشاي، فصنعت لك هذه خصيصًا واصطفيتك بحلواي التي صنعتها لي زوجتي.
كلامه وفعله هذان لم أكن لأحلم بهما يوما، إذ أنه دائما ما تطوف حوله هيبة السُّطلة وطالما رافقه جلال العلم وأُبّهة التمكن.
أطلت عليكم جدًا هذه المرة.. لكني أردت أن أحتفظ بهذه الذكرى من ليلة أمس معكم، وأردت أن أخبركم أنه لو كان في كسر اللوائح والقوانين حياة امرئ ما.. فاكسروها دون تفكر أو تردد.
اللهم إنك تعلم ما أخفي وما أعلن، فاجعل عملي كله خالصا لوجهك الكريم.
26 notes
·
View notes
مهما توسعت في الشرح والإيضاح فإن الإنسان يفهم مضمون الكلام تبعاً لتجاربه الشخصية، وعقده النفسية، وبناء على ثقافته وظروفه الاجتماعية، ومشاعره الآنية، ورغباته ونزواته ومصالحه الشخصية، لا فائدة من الكلام والشرح احفظ طاقتك وجهدك لما يفيدك ويبهجك.
2K notes
·
View notes
" أتفادى مشاعري لأنها دائمًا فياضة وأنا مُتعب من محاولات النجاة ولم أعُد أطيق الغرق في أي شيء "
800 notes
·
View notes
"لَهُ مَنْزِلٌ بالرُّوحِ مَا حَلَّ بَهِ حَيٌّ"
454 notes
·
View notes