كان من وصايا النبي ﷺ أنه قال: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدَر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان.
كان رسول اللّه ﷺ من أحسن الناس خُلقًا، وأرحبهم صدرًا، وأوفرهم حنانًا؛ وقد أرسلني يومًا لحاجة وأنا صبيّ فخرجت، وقصدت صبيانًا كانوا يلعبون في السوق لألعب معهم، ولم أذهب إلى ما أمرني به، فلما صِرت إليهم شعرت بإنسانٍ يقف خلفي، ويأخذ بثوبي، فالتفت فإذا رسول اللّه ﷺ يتبسّم ويقول ضاحكًا: يا أُنيِس، اذهبت إلى حيث أمرتك؟
فارتبكت وقلت: نعم، إني ذاهب الآن يا رسول الله.
ووالله لقد خدمته عشر سنين، فما قال لشيءٍ صنعته لمَ صنعته، ولا لشيءٍ تركته لمَ تركته، و ما أحزنني بكلمةٍ أبدًا ولا رفع صوتًا عليّ قط.
كيفَ تغيب الأشياء التي بدت لنا وكأنها ستبقىٰ إلى الأبد ؟
ليس من المعقول أن نسائل الأشياء عن طبيعتها، فالغياب سُنة كل شيء. والسؤال المنطقي هو: كيف يثق هذا الكائن البشري بأبدية الأشياء، وكل شيء حوله زائل وذاهب إلى مآله؟ كائن مفتون بالأبدية والخلود، يهجس بهما خاطرُه، حتى أنه إن لم يجد هذا الخالد الأبدي في محيطه، اختلقه توهّمًا، وعاش معه ذهنيًا، في مخيلته.