ولكنَّ الله يلطف بعباده المؤمنين في هذه الفتن، ويصبِّرهم عليها، ويُثيبهم فيها، ولا يلقيهم في فتنة مُهْلكة مُضلَّة تذهب بدينهم؛بل تمرُّ عليهم الفتن وهم منها في عافية.
لا تحكم على نفسك بالخُذلان ولا بالحرمان، ولا بسُوء الحظ، إن رأيت تتابع البلاء عليك، وطول زمانه وشدَّته على قلبك، وأنَّك كلما خرجت من بلاءٍ وقعت في بلاءٍ،
لا تقف عند ألَم البلاء وتنسى عِظَم الجزاء، فالمُؤمن يُبتلى على قدر وقوَّة إيمانه، الله حكيمٌ ورحيمٌ فيما ابتلاك به.
إن أعظم ما في الابتلاء أنه يذكرك كم هذه الدنيا حقيرة فانية، وأن كل ما كان يشغلك عن الله وينسيك مسابقتك إلى الله ينتهي بفجيعة تعيدك إلى رشدك!
لذلك لا تأسى على خسارة مال ولا ولد ولا صديق ولا أي شي من هذه الدنيا وإن تأذت روحك، لأن الشيء الوحيد الذي عليك أن تحفظه هو علاقتك مع الله وإن بقيت وحدك 🤍
لا تغفلوا عن اولادكم فالأولاد يكبرون جسماً ويصغرون ديناً، يشبعون طعاماً ويجوعون حُباً وجلوساً ووئاماً. والزمان الآن لم يعد كسابقه، في اليوم الذي تغفل فيه عن ولدك يهجم على عقله ألف فكرة خاطئة، وتمر أمام عينيه ألف صورة سيئة، فكيف بمن يغيبون شهوراً ودهوراً دون نصيحة أو جلسة تربية وإرشاد ؟!
أيها الآباء.
لا تعتذروا بضيق أوقاتكم.. فقد كان الصحابة يفتحون العالم ثم يعودون إلى أولادهم فيفتحون قلوبهم ويحسنون تربيتهم ويورثونهم دينهم وأخلاقهم، ولا تعتذروا فللرجال بصمات وللنساء لمسات.، ولا غنى للولد عن كليهما. ولا تعتذروا بالسعي على أرزاقهم، فبئس الرزق ذلك الذي يقدم للأمة أجسامًا معلوفة، وأخلاقًا مهلهلة ضعيفة فالزمان الآن صعب، وأولادنا والله مساكين يحتاجون أضعاف أضعاف ما كنا نأخذ في مثل أعمارهم مع فرق الفتن والمغريات التي بين جيلنا وجيلهم. تقربوا من أولادكم، العبوا معهم، وقُصّوا عليهم قصصًا تنمي فيهم الفضائل، واستمعوا كثيراً إليهم، اتركوا من أجلهم هواتفكم... وتفرغوا من أجل هؤلاء الأبرياء عن بعض مشاغلكم، أوقفوا الدنيا كلها من أجل فلذات أكبادكم، فدعاء أحد الصالحين أو الصالحات منهم لك بعد موتك من قلبه قائلا: "رب اغفر لي ولوالديّ" خير لك من كل التفاهات التي شغلتك عنهم.
قال الله عز وجل: {وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا}.
وقال النبي ﷺ فيما يروي عن ربه عز وجل: «لو أن عبادي أطاعوني لسقيتهم المطر بالليل، وأطلعت عليهم الشمس بالنهار، ولم أسمعهم صوت الرعد».
وقال: «البِر لا يَبلى، والذنب لا يُنسى، والديان لا يموت، فكُن كما شئت، فكما تَدين تُدان.».
وقال أبو سليمان الداراني: « مَن صَفًّى صفي له ، ومَن كَدْر كُدّر عليه ، ومن احسن في ليله كوفىء في نهاره، ومن أحسن في نهاره كوفى في ليله».
وكان شيخ يدور في المجالس ويقول: من سره أن تدوم له العافية، فليتق الله عز وجل.
وكان الفضيل بن عياض يقول: «إني لأعصي الله ، فأعرف ذلك في خلق دابتي، وجاريتي».
واعلم - وفقك الله - أنه لا يُحس بضربة مبنج ، وإنما يعرف الزيادة من النقصان المحاسب لنفسه ومتى رأيت تكديراً في حال فاذكر نعمة ما شكرت ، او زلة قد فعلت ، واحذر من نفار النعم، ومفاجأة النقم، ولا تغتر بسعة بساط الحلم، فربما عجل انقباضه .
وقد قال الله عز وجل: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }.
وكان أبو علي الروذباري يقول: « من الاغترار أن تُسيء ، فيحسن إليك، فتترك التوبة، توهماً أنك تسامح في العقوبات».
هُناكَ فرق بين الإبتِلاء وبيَن العِقاب ، الإبتلاء غالباً يحدث للإنسان الوَرع الصَّالح المُحافظ أكثر من العَاصي المُتمرد والبَعيد عن الأفعَال الصَّحيحة ، ليَختبر الله مدَى صَبره وقُوة إيمانِه ، أما العِقاب فهو نَتيجة حَتمية لفعٍل سيِّء قُمنا بِعمله من إيذاء للآخرين أو أكل حقوق أو ظُلم ولم نُسَامح عليه أو دعوة سرت بليل ..
والإبتلاء والعقاب يكون على أشكال عدة إما ولد عاق أو زوجة أو دين أو مرض .. والقائمة تطول .
ولكن كيفَ تَعرفُ أنك مُبتلى أو مُعَاقب فقط أنظر إلى أفعالك وما جَنت نفسُك وسَيسهُل عليك التَّفريق بينهما ..
كتبت: هالة البكري.
يا عبد الله عندما يبتليك الله، إياك أن تيأس، وإياك أن تظن أنك سيء الحظ، يا عبد الله، عندما يصيبك الإبتلاء، إياك وأن تُطلق عليه اسم المحنة، لأنه ليس محنة، وإنما منحة اصطفاك الله بها، لأنه يُحبك، ويريد أن يُطهرك من الذنوب، ويجعلك في منزلة عالية عنده، منزلة لم تكن ستصل إليها إلا بذلك الإبتلاء الذي جعلك تتألم، وتبكي، فوالله لو علمت ما بعد ذلك الإبتلاء لكنت من أشد الناس فرحًا،…
الصبر على الابتلاء
كتب الله تعالى الابتلاء على عباده المؤمنين جميعاً في الحياة الدنيا، قال الله-تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)،[١]، ولكنّ الله تعالى كلّف عباده المؤمنين أن يتعاملوا مع هذه الابتلاءات جميعها بالصبر والاحتساب والتحمّل، والصبر خلقٌ عظيمٌ ثماره طيِّبةٌ في الدنيا والآخرة،…
في هذا الحديث إخبارٌ أن العبد قد تصيبه المصائب وتتوالى عليه النكبات، فيظن أن ذلك من كُرْه الله له، وليس كذلك، بل قد يكون الله محبًّا له وهو يريد أن يبتليه بالابتلاءات حتى يأتي يوم القيامة وقد تخفف من الذنوب .
📚 الشرح الموجز الممهد : (253)
▪️قال الإمام إبن الجوزي رحمه الله :
فالعاقل من دارى نفسه في الصبر بوعد الأجر، وتسهيل الأمر، ليذهب زمان البلاء، سالمًا من شكوى، ثم يستغيث بالله تعالى سائلًا العافية .