اليوم أنا أمسك العمر بشدة، أضغط على المنتصف.. أضع يدي على جسدي أتحسس، كم مرة تغيرت!؟.. كم مرة عدت تسجيل صوتي لتقيم درجة وضوحه وحشرجته وآهاته؟!كم مرة قرأت كتاب وغصت في تفاصيل أعمق من واقعي؟!
اليوم أنا هنا أنظر من بعيد، للعالم للشوارع والمدن والأشخاص.. لا أحد يذكر كم مرة مررت من هناك، كم مرة بكيت وكم مرة تألمت؟! كنت أتبدل من داخلي أحطم وأبني خلاياي وجلدي وجريان دمي.. لا أحد يفسرني، لا أحد يشرحني، لا أحد يلمسني!!
اليوم أنا لا أبحث عن شخص ينقلني من عالمي لأحلامه.. لا أرسم طريقًا ليتبعني أبنائي، ولا أسمع أغنية أو أتابع فيلم ليشاركوني إياه..
اليوم أنا أحدق في الفراغ،، أنام وعندما أستيقظ أجد المكان كما تركته تمامًا،، لا أحد يرتب وسائد الصالة، لا أحد يغسل كوب الشاي الذي تركته بجانب الكتاب المفتوح.. أصحو على ذاتِ الفوضى.
اليوم أنا أكبر بما يكفي لأعُد ّرتابتي، لأعُد الأشياء التي تعيد شغفي، لِلحنٍ يجعلني أرقص بلا شعور، للشعور الذي يملأ عيناي بالبهجة كلما ارتديت فستان جديد، أكبر بشكل لا يجعلني أهتم لِكيف سأُفهم وما سأبرر إذا فهمت بشكل خاطئ..
اليوم أنا ما عدت أحمل رغبات العالم فوق كتفي وأوزعها لمعدومي الرأفة متلبسي الظنون،، اليوم أنا أحب وجهي وجسدي وأعذر خصلاتي شعري التي اختارت السقوط من رأسي المثخن بالوجع والتمدد على وسادتي كآخر رحلة عتب،، اليوم أنا هنا وغدًا رُبما أنتهي بكل ما هُنا.| ٢٠/٨/١٤٤٥
في اليومين الفائتين.. مارست طقوس الخوف بشكل موجع، كان أخي يمر بشريط أيامه وكأنه يصارع الموت ليعود للحياة بعد مروره بطرقٍ وعرة.. كنت ألتزم الصمت لأيام وكنت أنجو من الهلع والكوابيس بصعوبة، وفي اللحظة التي بحثوا عنّي مطولًا حضرت في أخيلة الفقد أعبر مدافن الراحلين، أُناجي آخر جبلٍ دُكّا هُناك، أُطالب أخي الأكبر عودوا سويّا أو غيب بمفردك.. ما عدت أقوى على فراقين..| 😢💔
أمي؛ تصطحبنا كل صباحٍ على مدى أعوامٍ، تملك مفاتيح الأبواب، فنأتي قبل البواب، لتسرح شعيرات طالبات الحي الفقير القريب من المدرسة. تحمل كل يومٍ أشكال مختلفة من اللفافات والشرائط وبخاخات القمل وفرش الأسنان والوجبات الإضافية..
كانت أمًّا لكل الفتيات..
كنت أشعر بشيءٍّ من الغبطة، في كل مراحلي الإبتدائية كنت أتمنى أن تحضر لي ولو حصة انتظار..
في الفسحة؛ كنت أتمنى أن أعيش بذخ ابنة المعلمة، وآكل معاها في الغرفة الخاصة بالمعلمات أو في الإدارة بحكم عملها الجزئي هُناك..
أمي؛ كانت مربية قبل أن تكون معلمة، لليوم وبعد عشرين عامًا من التقاعد،، أجد اسمها يتكرر بين الطالبات اللاتي أصبحنا اليوم سيدات في هذا المجتمع، أجد اسمها في مواقع التواصل الاجتماعي كلما ذُكر يومًا للمعلم أو تحدثوا عن معلمة أثرت فيهن..
أمي؛ التي رفضت إعطائي حصة في المدرسة، أو إطعامي وجبة في غرفة المعلمات.. رسخت فينا مبادئ وقناعات لا تُمحى..
أمي؛ رحمة الله في هذا الكون ومعلمتي دائمًا وأبدًا.| #معاليّاا