Tumgik
#أبو الفضل بن الأحنف
shms-t · 4 years
Quote
منعوا عَيْني الرّقَادَ وَهُمْ لا يُبالوني إذا رقدوا
17 notes · View notes
sol0o1 · 4 years
Text
‏إذا امتنع القريبُ فلم تنُلْه
على قُرْبٍ فذاك هو البعيدُ..
8 notes · View notes
noar94 · 3 years
Text
وصف أبو الفضل بن الأحنف الحال عند الوقوع بالحُب فقال:
‏كأنما القلبُ من يوم ابتُليتُ بها
‏بينَ السماءِ وبينَ الأرضِ طَيَّارُ! ٖ
117 notes · View notes
angel2233 · 3 years
Text
أَما اِستَحيا رُقادُكِ مِن سُهادي؟
- أبو الفضل بن الأحنف
7 notes · View notes
hellomostafa · 3 years
Text
كتمتُ ومن أهوى هَوانا فلمْ نبُحْ ،، وقد كانتِ الأسرارُ باللَّمحِ تظهرُ - أبو الفضل بن الأحنف
2 notes · View notes
tadkiraimania · 4 years
Text
Tumblr media Tumblr media
الفتنة الكبرى
الفاروق عمر بن الخطاب باب مانع للفتن
حين سأل عمر بن الخطاب رضي الله عن الفتنة التي تموج كموج البحر كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري و مسلم قال له حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: " ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين إن بينك و بينها بابا مغلقا قال ‏‏عمر ‏أيكسر الباب أم يفتح قال بل يكسر قال ‏عمر ‏‏إذا لا يغلق أبدا قلت أجل".
و لهذا لم تظهر الفتن في زمنه رضي الله تعالى عنه، لأن وجوده كان باباً مانعاً من ظهورها، فهو باب موصد بإحكام، فلما قُتِلَ رضي الله تعالى عنه، و نال الشهادة: انكسر الباب، و ظهرت الفتن، ثم تمادت و انتشرت، و ما زالت في ازدياد إلى يومنا هذا.
استشهاد عثمان بن عفان
عثمان بن عفان رضي الله ثالث الخلفاء الراشدين، و هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، و من السابقين إلى الإسلام. و كنيته ذو النورين. و قد لقب بذلك لأنه تزوج أثنتين من بنات الرسول : رقية ثم بعد وفاتها أم كلثوم.
في يوم الخميس السابع عشر من شهر ذي الحجة سنة 35 من الهجرة يصبح عثمان بن عفان رضي الله عنه صائمًا، و الخوارج المتمردون يحاصرونه و يمنعون عنه الشراب و الطعام، و يأتي وقت المغرب دون أن يجد رضي الله عنه شيئًا يفطر عليه لا هو ولا أهل بيته، و يكمل بقية الليل دون أن يفطر، و في وقت السحر استطاعت زوجته السيدة نائلة بنت الفرافصة أن تحصل على بعض الماء من البيت المجاور خفية، و لما أعطته الماء، و قالت له: أفطر، نظر رضي الله عنه من النافذة، فوجد الفجر قد لاح، فقال: إني نذرت أن أصبح صائمًا.
فقالت السيدة نائلة: و من أين أكلتَ و لم أرَ أحدًا أتاك بطعام و لا شراب؟ فقال رضي الله عنه: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم اطّلع عليّ من هذا السقف، و معه دلو من ماء، فقال: إشرب يا عثمان. فشربت حتى رويت، ثم قال: ازدد. فشربت حتى نهلت، ثم قال صلى الله عليه و سلم لعثمان رضي الله عنه: أما إن القوم سينكرون عليك، فإن قاتلتهم ظفرت، و إن تركتهم أفطرت عندنا. فاختار رضي الله عنه لقاء رسول الله صلى الله عليه و سلم لشوقه إليه، ولِيَقِينِهِ بأنه سوف يلقى الله شهيدًا ببشارة رسول الله صلى الله عليه و سلم له من قبل.
و أمر عثمان رضي الله عنه بالسراويل أن تُعدّ له؛ لكي يلبسها، و كان من عادته رضي الله عنه ألا يلبسها في جاهلية، و لا إسلام، و قد لبسها رضي الله عنه؛ لأنه خشي إن قُتِلَ أن يتكشف، و هو رضي الله عنه شديد الحياء، فلبس السراويل، و وضع المصحف بين يديه، و أخذ يقرأ في كتاب الله.
و صلى عثمان رضي الله عنه صلاة نافلةٍ ختم فيها سورة طه، ثم جلس بعد ذلك يقرأ في المصحف، في هذا الوقت كان أهل الفتنة يفكرون بشكل حاسم، و سريع في قتل عثمان رضي الله عنه، فدخلوا عليه و قتلوه بالسيوف. و تقاطر الدم على المصحف، و تثبت جميع الروايات أن هذه الدماء سقطت على كلمة { فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ } [البقرة-137].
بعد أن قتل هؤلاء الخوارج المجرمون عثمان رضي الله عنه أخذوا ينهبون ما في بيته و يقولون: إذا كان قد أُحلّ لنا دمه أفلا يحل لنا ماله؟
لما قُتِلَ عثمان فتشوا خزائنه فوجدوا فيها صندوقًا مقفلًا ففتحوه فوجدوا فيه ورقة مكتوبًا فيها‏:‏
‏"‏هذه وصية عثمان‏:‏ بسم اللَّه الرحمن الرحيم‏.‏ عثمان بن عفان يشهد أن لا إله إلا اللَّه و أن محمدًا عبده و رسوله، و أن الجنة حق، و أن النار حق، و أن اللَّه يبعث من في القبور ليوم لا ريب فيه‏.‏ إن اللَّه لا يخلف الميعاد‏.‏ عليها يُحيى وعليها يموت‏.‏ و عليها يُبعث إن شاء اللَّه‏"‏‏.‏ (حديث العلاء بن الفضل عن أمه‏- أخرجه الفضائلي الرازي).
آثار الفتنة الكبرى
بدأ الصراع بين علي و معاوية بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان فقد أصدر الإمام علي أمرًا بعد توليه الخلافة بإسقاط الولاة الذين عينهم عثمان من قبل و منهم سعيد بن العاص والي الكوفة، و معاوية بن أبي سفيان والي الشام فرفض معاوية و أصر على عدم مبايعة عليّ قبل القصاص من قتلة ابن عمه عثمان.
و كان رأي عليّ أن تتم بيعته أولًا ثم تأتي خطوة القصاص لاحقًا و هو ما رفضه معاوية فقد كان ولي دم عثمان، فانقسم الصحابة إلى ثلاث أقسام:
الطائفة الأولى: طلحة والزبير وعائشة ومعاوية، ترى هذه الطائفة أنه يجب التعجيل بالقصاص من قتلة عثمان ..
الطائفة الثانية: فئة علي بن أبي طالب و من معه و يرون حسم الخلافة أولًا ثم القصاص لاحقًا.
الطائفة الثالثة: يمثلها سعد، و ابن عمر، و أبو هريرة، و محمد بن مسلمة، و الأحنف، و أسامة بن زيد، و أبو بكرة الثقفي، و معظم الصحابة، و ترى هذه الطائفة اعتزال الجميع.
كان معاوية متعصبًا لرأيه لأنه رأى في عدم القصاص إهدارًا لدم ابن عمه عثمان، أما عليّ فليس صحيحًا أنه رفض أن يسلم قتلة عثمان لمعاوية كما يدعي الشيعة و أنهم بايعوا الإمام فكيف يسلمهم بعد إعطائهم الأمان.
و لم يثبت ذلك تاريخيًا، فالإمام انتظر استقرار الأمور في المدينة ثم يبدأ البحث عن قتلة عثمان فعليًا، و كان أيضًا يعلم أن المتمردين في المدينة يبسطون سيطرتهم، و لذلك كانت وجهات النظر المختلفة سببًا في الصراع.
نتائج الصراع بين علي و معاوية رضي الله عنهما
ثلاثة معارك
1- معركة الجمل: هي معركة وقعت في البصرة عام 36 هـ بين قوات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و الجيش الذي يقوده الصحابيان طلحة بن عبيد الله و الزبير بن العوام بالإضافة إلى أم المؤمنين عائشة التي قيل أنها ذهبت مع جيش المدينة في هودج من حديد على ظهر جمل، و سميت المعركة بالجمل نسبة إلى ذلك الجمل.
انتهى القتال و قد قتل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، وقتل الزبير بن العوام رضي الله عنه، أما عن ام اامؤمنين عائشة رضي الله عنها فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لعلي: ( سيكون بينك و بين عائشة أمر، قال عليّ فأنا أشقاهم يا رسول الله، قال: لا و لكن إذا كان ذلك فاردها إلى مأمنها ) [مسند أحمد].
2- معركة صفين: هي المعركة التي وقعت بين جيش علي بن أبي طالب و جيش معاوية بن أبي سفيان في شهر صفر سنة 37 هـ، بعد موقعة الجمل بسنة تقريبا. على الحدود السورية العراقية و التي انتهت بعملية التحكيم في شهر رمضان بعد رفع المصاحف على أسنة الرماح إشارة إلى ضرورة التحاكم إلى كتاب الله.
3- معركة النهروان: إحدى المعارك الإسلامية الداخلية المبكرة، وقعت سنة 38هـ، بين علي بن أبي طالب وبين المحكّمة (هم أصل الخوارج و مبدأ ملتهم)، و النهروان موقع بين بغداد وحلوان. و كانت المعركة واحدة من نتائج معركة صفين التي رفضتها جماعة التحكيم، و كان عددهم يبلغ إثنا عشر ألفًا بقيادة عبد الله بن وهب الراسبي و رفعوا شعارهم الشهير: لا حكم إلا حكم الله (اضطر الإمام عليَّ إلى مقاتلة الخوارج بعد أن تفاقم خطرهم و اتهموه بالكفر، و رفضوا الدخول في طاعته)، و انتهت المعركة بانتصار جيش علي بن أبي طالب عليهم. و لم ينج من المحكّمة إلا أربعين شخصا فقط.
استشهاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
تآمر من بقى من الخوارج على قتل أئمة الناس و هم ثلاثة: علي بن أبى طالب، و معاوية بن أبى سفيان ، و عمرو بن العاص، ثأراً لإخوانهم، و إراحة للبلاد منهم؛ حيث اعتبروهم سببا في كل ما جرى في البلاد في هذه الفتن، و تعهد كل واحد منهم بواحد من هؤلاء، فقال عبدالرحمن بن ملجم: أنا أكفيكم عليَّ بن أبي طالب، و قال البرك بن عبدالله: أنا أكفيكم معاوية، و قال عمرو بن بكر: أنا أكفيكم عمرو بن العاص.
و لم يكن أجل أحد منهم قد حان إلا أجل عليّ بن أبي طالب، فقتله عبد الرحمن بن ملجم، و فشل الآخران في قتل معاوية و عمرو، و ذلك سنة 40ه‍، و قد بلغ ثمانى و خمسين سنة، و فى رواية ثلاث و ستين سنة، وكانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر، و ذلك من عام 35 إلى 40هـ.
أشهر الصحابة المعتزلين للقتال في الفتنة
اعتزل أكثر الصحابة القتال في موقعتي الجمل و صفين، و أبوا أن يخوضوا في دماء المسلمين ، فمنهم من اعتزل الفتنة عزلة مطلقة، و منهم من اعتزلها و اجتهد في دعوة الناس إلى اعتزالها، و منهم من انتسب إلى إحدى الطائفتين المتنازعتين ثم انسحب كلية من الفتنة ، و منهم من اعتزلها في الجمل و صفين ثم انضم إلى علي في حربه للخوارج ، و منهم من حمد الله تعالى على ذهاب بصره قبل أن يراها.
فمن الذين اعتزلوا الفتنة مطلقاً: سعد بن أبي وقاص ، و عبد الله بن عمر، و محمد بن مسلمة الأنصاري، و سلمة بن الأكوع، و سعيد بن زيد، و صهيب بن سنان الرومي ، و أسامة بن زيد، و أبو هريرة، و هبيب بن مغفل، و المغيرة بن شعبة، و عبد الله بن سعد بن أبي سرح، و سعيد بن العاص ، و معاوية بن حديج الأمير، و زيد بن ثابت ، و كعب بن عجرة، و سليمان بن ثمامة بن شراحيل، و عبد الله بن مغفل، و عبد الله بن سلام، و أهبان بن صيفي، و الحكم بن عمرو الغفاري رضي الله عنهم.
و سبب الفِرار منها عدمُ استِبانة الحقِّ فيها، وللأهواء مَداخِل على القلوب في شِدَّتها، و السيف إذا وقَع فيها لا يُرفَع منها؛ كما في حديث ثوبان رضِي الله عنه أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ( إذا وُضِع السيفُ في أمَّتي لَم يُرفَع عنها إلى يوم القيامة ) [رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح]. و عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم ،و القائم فيها خير من الماشي ، و الماشي فيها خير من الساعي ،و من تشرّف لها تستشرفه ، فمن وجد فيها ملجأ أو معاذا فليعذ به ) [صحيح البخاري].
الإمام الحسن يجمع كلمة المسلمين
و نجم عن هذه الفتن العظيمة اختلال أمن المسلمين آنذاك، لأن الحدود لا تقام إلا حيث تكون دولة و ولاية، و لا دولة إلا بإمام يجتمع الناس عليه، فيقيم العدل، و يرفع الظلم، و قد شَغَل سادةَ الناس وأئمتَهم آنذاك ما هم فيه من الفرقة و الخلاف.
و ما عادت الأمور إلى نصابها، و لا سكنت الفتنة إلا لما كانت البيعة للحسن بن علي رضي الله عنهما، فآثر مصلحة الأمة على مصلحته، و رأى أن حقن دماء المسلمين أولى بالرعاية من حقه في الخلافة، و ما تركها رضي الله عنه لعجزه أو لقلة من يعينه و ينصره!! كلا، بل تركها لله تعالى، و حقنا لدماء المسلمين، فمن يفعل فعل أمير المؤمنين أبي محمد الحسن بن علي رضي الله عنهما، و قد جمع الله تعالى به كلمة المسلمين بعد تفرقها، وألف به بين قلوبهم بعد تنافرها واختلافها؟! فكان سيدا من سادة هذه الأمة، و حقَّ فيه قول النبي صلى الله عليه و سلم: (إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين) [رواه البخاري].
فاجتمع سواد الأمة على معاوية بعد تنازل الحسن رضي الله عنهما و سمي ذلك العام بعام الجماعة، فأُغمد السيف، و سكنت الفتنة، و عادت مهابة الأمة، و توارى أهل النفاق و الشقاق، فهم لا يظهرون إلا في أحوال التفرق و الاختلاف، و أقيمت الحدود، و حُميت الثغور، و انطلقت جيوش أهل الإسلام تفتح البلدان، و تمصر الأمصار، و تنشر الإسلام، حتى حوصرت القسطنطينية في خلافة معاوية، و مات أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه تحت أسوارها، و بنيت مدينة القيروان، و عظمت الفتوح في خراسان و السند و سجستان و ما وراء النهر، و اتسعت رقعة الدولة الإسلامية، و فاضت الخيرات، وازدهرت العلوم.
قال عمير بن إسحاق: دخلتُ على الحسن بن علي وهو يجودُ بنفسه (أي: قبل خروج روحه)، والحسين عند رأسه، وقال: يا أخي، مَن تتَّهِم؟ قال الحسن: "لِمَ؟ لتقتله؟"، قال الحسين: نعم، قال الحسن: "إِنْ يكُنِ الذي أظنُّ، فالله أشد بأسًا وأشد تنكيلًا، وإلا يكُنْ، فما أحبُّ أن يُقتَل بي بريءٌ"، ثم مات رضوان الله تعالى عليه؛ (حلية الأولياء؛ لأبي نعيم جـ2، صـ38).
قال ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: عُدْنَا الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَقَامَ وَخَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ فَقَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ قَدْ لَفَظْتُ طَائِفَةً مِنْ كَبِدِي قَلّبْتُهَا بِعُودٍ، وَإِنِّي قَدْ سُقِيتُ السُّمَّ مِرَارًا، فَلَمْ أُسْقَ مِثْلَ هَذَا قَطُّ، فَحَرَّضَ بِهِ الْحُسَيْنُ أَنْ يُخْبِرَهُ مَنْ سَقَاهُ، فَلَمْ يُخْبِرْهُ وَقَالَ: اللَّهُ أَشَدُّ نِقْمَةً إِنْ كَانَ الَّذِي أَظُنُّ، وَإِلَّا فَلَا يقتل بي (تاريخ الذهبي).
عدالة الصحابة رضي الله عنهم
يدعي بعض المغرضون بأن الصحابة ليسوا عدولا، وذلك بسبب الخلافات على الحكم و السلطة التي وقعت بين علي بن أبي طالب و معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، الشيء الذي أدى إلى وقوع معارك خلفت كثيرا من القتلى.
و قد أبطل العلماء شبهات الطعن في عدالة الصحابة بالقول:
1- إن اختلاف الصحابة في هذه الفتنة من القضايا الاجتهادية التي اجتهدوا فيها، فللمخطئ منهم أجر و للمصيب أجران، و خطؤهم لا يطعن في عدالتهم، لأن العدالة لا تعني العصمة من الخطأ.
2- إن ما وقع من خلاف بين الصحابة لم يؤثر في الرواية، إذ المتتبع لأحاديث الصحابة المشاركين في الفتنة يجد أنهم لم يتفردوا بما يخالف ما ثبت عن الصحابة في موضوع ما، و هذا ما أثبته العلامة إبن الوزير اليماني في كتابه الروض الباسم للذب عن سنة أبي القاسم (تحقيق علي بن عمر العمران).
من آثار الفتنة الكبرى على الأمة
لقد كان من أعلم الصحابة رضي الله عنهم بما سيؤول إليه حال الناس من الفتنة و التفرق إنْ قُتل عثمان: حذيفةُ بن اليمان، و عبدُ الله بن سلام رضي الله عنهم أجمعين.
فعن ميمون بن مهران رحمه الله: قال حذيفة رضي الله عنهما: "لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ قَالَ حُذَيْفَةُ هَكَذَا وَ حَلَّقَ بِيَدِهِ وَ قَالَ: "فُتِقَ فِي الْإِسْلَامِ فَتْقٌ لَا يَرْتِقُهُ جَبَلٌ" [رواه ابن أبي شيبة].
و أما عبد الله بن سلام رضي الله عنه فقال لما حُصر عثمان في الدار: "لَا تَقْتُلُوهُ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَجَلِهِ إِلَّا قَلِيلٌ; وَواللَّهِ لَئِنْ قَتَلْتُمُوهُ لَا تُصَلُّونَ جَمِيعًا أَبَدًا"[رواه ابن أبي شيبة].
و قال: "لا تَسُلُّوا سُيُوفَكُمْ فَلئِن سَلَلْتُمُوها لَا تُغْمَدُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَة"[ رواه ابن أبي شيبة].
و كان عثمان رضي الله عنه يعلم ما سيؤول إليه حال رعيته إن هم قتلوه، فحذّرهم و أنذرهم و قال لهم: "لا تقتلونني، فو الله لئن قتلتموني لا تقاتلون عدواً جميعاً، ولا تقتسمون فيئاً جميعاً أبداً، و لا تُصلّون جميعاً أبداً"، قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: "فو الله إن صلّى القوم جميعاً فإن قلوبهم لمختلفة"[ تاريخ خليفة بن خياط ص: (171)].
1- تفرّق الكلمة، و انشقاق الصف بين المسلمين
فبعد أن بويع علي رضي الله عنه بالخلافة، خشي رؤوس الفتنة من اتفاق كلمة المسلمين عليهم، فعمدوا إلى إبقاء الفتنة مشتعلة؛ ليشغلوا الناس عنهم، و انحاز كثير منهم إلى جيش علي رضي الله عنه، مستخفين بين الناس، و كانوا كلما سعى الصحابة للصلح أوقعوا الفتنة، و أضرموا نيران الحرب و التي قتل فيها أعداد كبيرة من المسلمين.
2- الإيذان بقرب انتهاء عهد الخلافة الراشدة
من أهم ما يتميز به نظام الخلافة أنه يقوم على الشورى و اختيار أفضل الأمة لهذا المنصب، و كان مقتل عثمان رضي الله عنه مؤذناً بقرب انتهاء نظام الخلافة، و هذا ما حصل بعد زمن يسير، فقد تولى الحكمَ عليٌّ رضي الله عنه، ثم تولاها بعد استشهاده ابنُه الحسن رضي الله عنه، و مكث في الحكم بضعة أشهر، ثم تنازل لمعاوية رضي الله عنه منهياً صراعاً طويلاً بين المسلمين.
و بانقضاء خلافة الحسن رضي الله عنه ينتهي عصر الخلافة الراشدة الذي حددّه النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم مُلْك بعد ذلك) فقد بويع أبوبكر الصديق رضي الله سنة 11ه‍ و تنازل الحسن بن علي عن حقه في الخلافة سنه 40ه‍، و أصبح نظام الحكم بعد معاوية رضي الله عنه ملكاً متوارثاً في بني أمية.
3- ظهور الخوارج
يرى ابن كثير و ابن أبي العز رحمهما الله تعالى أن نشأة الخوارج بدأت بالخروج على عثمان رضي الله عنه، قال ابن أبي العز: "فالخوارج و الشيعة حدثوا في الفتنة الأولى" [شرح الطحاوية ص (799)]، و قال ابن كثير في أحداث مقتل عثمان رضي الله عنه: "و جاء الخوارج فأخذوا مال بيت المال و كان فيه شيء كثير جداً" [ البداية والنهاية (7/189)]، لكنّ هؤلاء كانوا مجرّد بغاة هدفهم قتل عثمان رضي الله عنه و أخذ المال؛ لذلك لم يشكلوا فرقة مستقلة لها أفكارها و عقائدها و اتجاهها السياسي كما حصل بعد ذلك.
و لم يضع مقتل علي رضي الله عنه حداً للفتنة المستعرة، بل ازداد خطر الخوارج و صاروا يمثلون شوكة في حلق الدولة الأموية، يهددون أمنها و أمن المسلمين.
4- ظهور التشيّع
كان مفهوم التشيع في أول أمر الفتنة التي وقعت بعد مقتل عثمان رضي الله عنه يعني مناصرة علي رضي الله عنه و الوقوف إلى جانبه ليأخذ حقه في الخلافة، و أن من نازعه فيها فهو مخطئ يجب رده إلى الصواب و لو بالقوة، لكنّ الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى تفضيل عليٍّ على أبي بكر وعمر و سائر الصحابة رضي الله عنهم، ثم بدأ التشيع بعد ذلك يظهر كطائفة ذات أفكار وآراء اعتقادية، و وجدت أفكار ابن سبأ المتطرفة فرصة للتغلغل بين هؤلاء المؤيدين، لاسيما بعد استشهاد علي رضي الله عنه، و ما حصل لآله من بعده، ثم بدأ الانحراف يزداد شيئاً فشيئاً، حتى وصل الأمر إلى سبّ الصحابة و تكفيرهم و التبرؤ منهم، ثم تأليه علي رضي الله عنه.
ثم لم يقف أمر الافتراق عند هاتين الفرقتين، بل سرعان ما تحولت المواقف العاطفية و السياسية إلى تيارات فكرية، ثم عقائدية، و بدأت الفرق بالظهور، فظهرت القدرية و المرجئة و الجهمية و المعتزلة و غيرهم.
Tumblr media
حديث الإثني عشر خليفة
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : ( إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَنْقَضِي حَتَّى يَمْضِيَ فِيهِمْ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً . قَالَ : ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ خَفِيَ عَلَيَّ . قَالَ : فَقُلْتُ لِأَبِي : مَا قَالَ ؟ قَالَ : كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ ) [رواه البخاري و مسلم و اللفظ له] و في لفظ عنده أيضا : ( لَا يَزَالُ الْإِسْلَامُ عَزِيزًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً )، و في لفظ آخر: ( لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ عَزِيزًا مَنِيعًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً ) ، و أما لفظ البخاري فجاء فيه : ( يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا - فَقَالَ كَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَا فَقَالَ أَبِى إِنَّهُ قَالَ - كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ ).
تفسير علماء السنة
لعلماء السنة في تفسير و توجيه هذا الحديث مسالك عدة :
المسلك الأول : قالوا : المراد العادلين من الخلفاء ، و قد مضى بعضهم في الأمة ، و سيكتمل عددهم إلى قيام الساعة .
المسلك الثاني : تفسيره باجتماع هؤلاء الاثني عشر خليفة في زمن و عصر واحد .
المسلك الثالث : المراد مَن يعز الإسلام في زمنه و يجتمع المسلمون عليه ، سواء عدل و حكم بالقسط أو لا .
المسلك الرابع : أن هؤلاء الاثني عشر خليفة يأتون بعد ظهور المهدي في آخر الزمان .
المسلك الخامس : تفسيره بتفاصيل الهيئة الحاكمة : الخليفة ، و الوزراء ، و النواب ، و الحكام و هكذا .
المسلك السادس : التوقف ، و إيكال العلم في ذلك إلى الله عز وجل .
يقول النووي رحمه الله ناقلا عن القاضي عياض : " و الله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم " (شرح مسلم).
و نقل ابن بطال عن المهلب قوله : " لم ألق أحدا يقطع في هذا الحديث يعني بشيء معين " (فتح الباري).
و يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" و هذا الحديث فيه دلالة على أنه لا بد من وجود اثني عشر خليفة عادلا ، و ليسوا هم بأئمة الشيعة الاثني عشر ، فإن كثيرًا من أولئك لم يكن إليهم من الأمر شيء ، فأما هؤلاء فإنهم يكونون من قريش، يَلُون فيعدلون " [تفسير القرآن العظيم(6/78)].
و يقول الشيخ عثمان الخميس حفظه الله :
"و الشيعة الأول لم يكونوا يقولون بإمامة الاثني عشر ، و لهذا انقسمت الشيعة إلى فرق كثيرة ، فمن الشيعة من قال بإمامة علي وحده و وقفوا عنده و هم السبئية ، و فرقة قالت بإمامته و إمامة الحسن والحسين و محمد بن علي و وقفوا عند محمد و هم الكيسانية ، ، و فرقة قالت بالإمامة إلى جعفر ووقفت ، و فرقة قالت بإمامة المنتظر وهم الاثنا عشرية . و هناك فرق أخرى و اختلافات كثيرة من أراد التوسع فليرجع إلى كتاب النوبختي في فرق الشيعة" .
تفسير الشيعة الإماميه
الإمامية أو الاثنا عشرية ، إحدى فرق الشيعة ، و سموا رافضة لرفضهم أكثر الصحابة، و رفضهم لإمامة الشيخين أبي بكر وعمر، أو لرفضهم إمامة زيد بن علي، و تفرقهم عنه. و سموا بالإمامية لأنهم أكثروا من الاهتمام بمسألة الإمامة، و جعلوها أصل الدين ، أو لزعمهم أن الرسول صلى الله عليه و سلم نص على إمامة علي و أولاده. و سموا بالاثنى عشرية لاعتقادهم و قولهم بإمامة اثنى عشر رجلا من آل البيت ، أولهم علي رضي الله عنه، و آخرهم محمد بن الحسن العسكري الغائب الموهوم، الذي يزعمون أنه دخل سرداب سامراء في منتصف القرن الثالث الهجري، و أنه لا يزال حيا بداخله، و هم ينتظرون خروجه.
فسر الشيعة الاماميه “الإثني عشرية ” الحديث كالاتى :
تعيينهم للائمه الاثني عشر بأنهم علي بن أبى طالب رضي الله عنه و ذريته إلى حفيده محمد بن الحسن. فالائمة الاثنا عشر عندهم بالتفصيل هم: علي بن أبي طالب، الحسن بن علي بن أبي طالب، الحسين بن علي بن أبي طالب، علي زين العابدين، محمد الباقر، جعفر الصادق، موسى بن جعفر الكاظم، علي بن موسى الرضا، محمد بن علي الجواد، علي بن محمد الهادي، الحسن بن علي العسكري، محمد بن الحسن (الغائب المنتظر).
قال الإمام الذهبي رحمه الله :
"و محمد هذا هو الذي يزعمون أنه الخلف الحجة، و أنه صاحب الزمان، و أنه صاحب السرداب بسامراء، و أنه حي لا يموت حتى يخرج فيملا الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا، فوددنا ذلك و الله و هم في انتظاره من أربع مئة و سبعين سنة ! و من أحالك على غائب لم ينصفك فكيف بمن أحال على مستحيل ؟! و الإنصاف عزيز، فنعوذ بالله من الجهل و الهوى".
ثم قال :
"فمولانا الإمام علي من الخلفاء الراشدين المشهود لهم بالجنة رضي الله عنه نحبه أشد الحب ، و لا نَدَّعِي عِصَمْته و لا عِصْمَة أبي بكر الصديق.
و ابْنَاه الحسن و الحسين فَسِبْطَا رسول الله صلى الله عليه و سلم، و سيدا شباب أهل الجنة، لو استخلفا لكانا أهلاً لذلك.
و زين العابدين كبير القدر من سادة العلماء العاملين يصلح للإمامة، و له نظراء و غيره أكثر فتوى منه و أكثر رواية.
و كذلك ابنه أبو جعفر الباقر سيد إمام فقيه يصلح للخلافة.
و كذا ولده جعفر الصادق كبير الشأن من أئمة العلم كان أولى بالأمر من أبي جعفر المنصور.
و كان ولده موسى كبير القدر جيد العلم أولى بالخلافة من هارون، و له نظراء في الشرف و الفضل.
و ابنه علي بن موسى الرضا كبير الشأن له علم و بيان و وَقْع في النفوس، صيّره المأمون ولي عهده لجلالته فتوفي سنة ثلاث و مئتين .
و ابنه محمد الجواد من سادة قومه لم يبلغ رتبة آبائه في العلم و الفقه.
و كذلك ولده الملقب بالهادي شريف جليل.
و كذلك ابنه الحسن بن علي العسكري رحمهم الله تعالى"
و الاثنا عشرية لهم عقائد و وأصول مخالفة لما عليه أهل الإسلام، منها :
1- غلوهم في أئمتهم: فقد ادعوا لهم العصمة، و صرفوا لهم كثيرا من العبادات كالدعاء و الاستغاثة و الذبح و الطواف، و هذا من الشرك الأكبر الذي أخبر الله تعالى أنه لا يغفر.
2- القول بتحريف القرآن الكريم، بالنقص و الزيادة، و لهم في ذلك مؤلفات يعرفها علماؤهم و كثير من عامتهم ، حتى جعلوا القول بتحريف القرآن من ضرورات مذهبهم.
3- تكفير أكثر الصحابة رضي الله عنهم ، و التبرؤ منهم ، و التقرب إلى الله بلعنهم و شتمهم، و دعواهم أنهم ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه إلا نفرا يسيرا ( سبعة فقط )؛ و هذا تكذيب للقرآن الذي أظهر فضلهم، و أخبر أن الله قد رضي عنهم و اختارهم لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، و الطعن فيهم طعن في القرآن نفسه لأنه منقول عن طريقهم، و قد تواترت عنهم العدالة و أمانة الدين.
Tumblr media
الخليفة المهدي محمد بن عبدالله
بينت الأحاديث النبوية الصحيحة أن الله تبارك و تعالى يخرج في آخر الزمان رجلاً من أهل بيت النبوة يُؤيد به الدين، و يحكم الأرض سبع سنين؛ فيملأها عدلاً و سلاماً كما مُلئت جوراً و ظلماً، تنعم الأمة الإسلامية في عهده بنعم لم تنعم بها قط، و تخرج الأرض نباتها، و تمطر السماء قطرها، و يعطى المال بغير عدد. قال الإمام الحافظ المؤرخ ابن كثير رحمه الله تعالى: "في زمانه تكون الثمار كثيرة، و الزروع غزيرة، و المال وافر، و السلطان قاهر، و الدين قائم، و العدو راغم، و الخير في أيامه دائم"
اسمه كاسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، و اسم أبيه كاسم أبي النبي صلى الله عليه و سلم، فيكون اسمه محمد بن عبد الله، و هو من ذرية فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم، ثم من ولد الحسن بن علي رضي الله عنهما.
يكون خروجه في الناس بعدما يعم الأرض الظلم والفساد والطغيان؛ فيأتي و يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت جوراً وظلماً كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يخرج في آخر أمتي المهدي؛ يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطى المال صحاحاً، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة يعيش سبعاً أو ثمانياً ) يعني: حججاً [المستدرك وقال: هذا حديث صحيح الإسناد وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة].
و هو من آل البيت ومن ولد فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها كما جاء في حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( المهدي من عترتي من ولد فاطمة ) [ رواه أبو داود وابن ماجة وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة وفي صحيح الجامع] والعترة هي: ولد الرجل لصلبه (تاريخ الذهبي).
و عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة ) [ رواه ابن ماجة؛ و أحمد بإسناد ضعيف كما قال الأرناؤوط في المسند؛ و الحاكم في المستدرك و قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه؛ و حسنه الألباني في صحيح ابن ماجة و صححه في السلسلة الصحيحة و في صحيح الجامع]، و غيرها من الأحاديث الدالة على أنه من بيت النبوة.
و من صفات المهدي الواردة في السنة ما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ( المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً و عدلاً كما ملئت جوراً و ظلماً، و يملك سبع سنين ) [رواه أبو داود و الطبراني في الأوسط ووحسنه الألباني في صحيح الجامع] و الأجلى هو: الخفيف الشعر ما بين النزعتين من الصدغين، و الذي انحسر الشعر عن جبهته، و القناة في الأنف: طوله و رقة أرنبته مع حدب في وسطه.
و هو من ولد الحسن بن علي رضي الله عنهما، عن عليٍّ رضي الله عنه -و نظر إلى ابنه الحسنِ- قال: ( إنّ ابنى هذا سيّدٌ كما سمّاه النّبيّ صلى الله عليه و سلم، و سيخرج من صلبه رجلٌ يسمَّى باسم نبيّكم، يشبهه في الخُلُق و لا يشبهه في الخَلْق -ثمّ ذكر قصّة يملأ الأرضَ عدلًا ) [رواه أبو داود في سننه، في كتاب المهدي، رقم 4290].
و مما قال العلماء: إن الله سبحانه و تعالى أكرم الإمام الحسن بن علي رضي الله عنه بأن قدر سبحانه و تعالى أن يخرج من صلبه الخليفة المهدي في آخر الزمان و هو محمد بن عبد الله، و ذلك تشريفا و تكريما له لأنه تنازل عن حقه في الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، حقنا لدماء المسلمين و إصلاحا لذات البين مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه و سلم: (إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين) [رواه البخاري].
فبهذا يُعلم أن المهدي ثابت عند أهل السنة و الجماعة، و أنه سيظهر في آخر الزمان كما ثبت ذلك في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، بنقلٍ متواترٍ تواتراً معنوياً كما تقدم من أقوال أهل العلم.
استشهاد الإمام الحسين
بعد موت معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه سنة 60 للهجرة تولى الخلافة بعده إبنه يزيد الذي لم يكن موضع إجماع.
من الصحابة الذين أعلنوا رفضهم لتولية يزيد، الحسين و عبد الله بن الزبير ، و عبد الله بن عمر و عبد الرحمن بن أبي بكر، و ابن عباس و محمد بن الحنفية و الحسين بن علي رضي الله عنهم، و غيرهم كثير، لكن لما رأو�� معاوية مصرًّا على قرا��ه لم يعلنوا الثورة عليه خشية نشوب الفتنة بين المسلمين، و حذراً من أن يؤدي ذلك إلى إراقة الدماء، فآثروا الصبر على الوضع و لزوم الجماعة عملا بالقاعدة التي تقول: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
فلما مات معاوية، كتب أهل الكوفة (معقل الشيعة) إلى الحسين عليه السلام يقولون: ليس علينا إمام فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق، و توالت الكتب تحمل التوقيعات تدعوه الى المجيء لاستلام البيعة، و قيادة الأمة في حركتها في مواجهة طواغيت بني أمية (الدكتور الشيعي أحمد النفيس- كتاب على خطى الحسين ص:94).
إن الجيش الذي خرج لحرب الإمام الحسين عليه السلام ثلاثمائة ألف، كلهم من أهل الكوفة، ليس فيهم شامي و لا حجازي و لا هندي و لا باكستاني و لا سوداني و لا مصري و لا أفريقي، بل كلهم من أهل الكوفة، قد تجمعوا من قبائل شتى (الشيعي كاظم الإحسائي النجفي-كتاب عاشوراء ص: 89).
فسار بجميع أهله، حتى بلغ كربلاء موضعاً بقرب الكوفة، فعرض له عبد الله بن زياد والي البصرة و الكوفة، و معه جيش بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص، و كان معه أربعة آلاف فارس، و جرت بينهما مفاوضات لم تسفر عن اتفاق.
قال الحسين رضي الله عنه في دعائه على شيعته: اللهم إن متعتهم إلى حين .. ففرقهم فرقا .. و اجعلهم طرائق قددا .. و لا ترضي الولاة عليهم أبدا .. فإنهم دعونا لينصرونا .. ثم عدوا علينا فقتلونا.. (الإرشاد للمفيد 241 ، إعلام الورى للطبرسي 949، كشف الغمة 18:2و38).
فهاجم جيش ابن زياد الحسين و رجاله، فقاتل الحسين و من معه قتال الأبطال و استشهد الحسين و معظم رجاله، و وُجد في جسده ثلاثة و ثلاثون جرحاً، و كان ذلك في يوم عاشوراء من عام 61هـ رحمه الله و رضي عنه.
و قال الحسن البصري: أصيب مع الحسين ستة عشر رجلاً من أهل بيته ما على وجه الأرض يومئذ لهم شبيه. فاكرمه رضي الله عنه و أهله بالشهادة.
و في رواية أطلت زينب بنت علي رضي الله عنهما، برأسها من المحمل و قالت لأهل الكوفة: " صه يا أهل الكوفة تقتلنا رجالكم وتبكينا نساؤكم فالحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء" (نقلها عباس القمي في كتاب نفس المهموم ص: 365، و ذكرها الشيخ رضى بن نبى القزويني في كتاب تظلم الزهراء ص: 264).
يقول السيد محسن الأمين، و هو أحد مراجع الشيعة الجعفرية المعتبرين، في كتابه أعيان الشيعة " بايع الحسين عشرون ألفاً من أهل العراق ، غدروا به وخرجوا عليه و بيعته في أعناقهم و قتلوه " أعيان الشيعة 34:1).
لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمقتل الحسين رضي الله عنه ، فروى أحمد عَنْ عَائِشَةَ ، أَوْ أُمِّ سَلَمَةَ : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِإِحْدَاهُمَا : ( لَقَدْ دَخَلَ عَلَيَّ الْبَيْتَ مَلَكٌ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ قَبْلَهَا، فَقَالَ لِي: إِنَّ ابْنَكَ هَذَا حُسَيْنٌ مَقْتُولٌ ، وَ إِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ مِنْ تُرْبَةِ الْأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا ) قَالَ: ( فَأَخْرَجَ تُرْبَةً حَمْرَاءَ ) " [حسنه محققو المسند ، وله شواهد متعددة، "السلسلة الصحيحة" للشيخ الألباني (821)، (822)، (1171)].
Tumblr media
أنظمة الحكم في الأمة الإسلامية
روى الإمام أحمد عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ( تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا غاضًا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيّاً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ) ثم سكت.
يؤخذ من هذا الحديث عدة دلالات:
الدلالة الأولى:
تمر الأمة الإسلامية بخمسة نظم من أنظمة الحكم على خمس مراحل؛ المرحلة الأولى: مرحلة النبوة وهو أكمل أحوالها حيث يوجد نبيها عليه الصلاة و السلام ويتنزل الوحي إليه، ويرشد الأمة إلى الحق والخير و قد مضت، و الثانية: مرحلة الخلافة وهي تلك الفترة الذهبية من عمر هذه الأمة والتي كانت مدتها ثلاثون سنة و قد مضت، و الثالثة: مرحلة توريث الملك و سمي عضوضا لما يصيب الرعية فيه من عسف وظلم، بدأت مع قيام الدولة الأموية و انتهت بانهيار الخلافة العثمانية و قد مضت، و نحن الآن في المرحلة الرابعة: و هي مرحلة الملك الجبري، وسمي جبريا لما فيه من عتو وقهر، و هو الذي قام منذ سقوط الدولة العثمانية إلى يومنا هذا، ثم بعد ذلك ستأتي المرحلة المرجوة المنتظرة التي يأملها كل مسلم، و هي مرحلة خلافة المهدي التي تكون على منهاج النبوة.
الدلالة الثانية:
أن السمة البارزة لهذه المرحلة هي الحكم بالقوة، فلا يصل إلى الحكم إلا من لديه سطوة و قوة، فإذا فقد هذه القوة زال سلطانه، و استولى على الحكم أقوى منه، و ذلك خلاف المراحل السابقة الراشدة يحكم فيها الأولى، و العضوض يحكم فيه الوريث، بينما الجبرية يحكم فيها الأقوى.
الدلالة الثالثة:
طالما احتيج الأمر إلى الحكم الجبري لإقامة الدين و تسيير مصالح العباد كان هذا سياسة شرعية، فلم يترك لنا النبي صلى الله عليه و سلم نظامًا ثابتًا للحكم، و إنما ترك مبادئ و معايير للحكم، فالنظام يقام على حسب ما تقتضيه مصالح العباد؛ و هو السياسة الشرعية، فالمقصود هو إقامة مصالح العباد بدون فتنة و لا فساد.
الدلالة الرابعة:
ليس في الحديث ما يدل علي ذم جميع حكام هذه المرحلة، حيث أن قوة الحاكم من أهم معايير و شروط اختيار الحكام، فقد يصل إلى الحكم عدول أكفاء، لكن ذلك مرتهن بأحوال الشعوب، و قد حدث في المرحلة السابقة بأن تولى حكاماً هم بقية من الراشدين أمثال: (عمر بن عبد العزيز، و صلاح الدين الأيوبي، و نور الدين محمود زنكي، و يوسف بن تاشفين، و الخليفة العباسي).
و بصفة عامة الأمر يتوقف على صلاح الناس و استقامتهم: "أعمالكم عمالكم وكما تكونوا يول عليكم"، فعند صلاح الناس و استقامتهم، يولّى الأصلح و الكلّ يرضى به دون فتنة و لا فساد، فإن انعدم ذلك ولّي أفضل من تُدرأ به الفتنة و الفساد، و يحصل به التمكّن.
عبر و دروس من الفتنة الكبرى
فضل الصحابة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه و سلم ( لا تَسُبُّوا أَصحابي، فو الذي نفسي بيده لو أَنَّ أَحدكم أَنفق مثل أُحُدٍ ذهباً ما أدرك مدَّ أحدهم ولا نصيفه ) [رواه مسلم].
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن الرسول صلَّى الله عليه و سلَّم : ( النُّجومُ أَمنةٌ للسماءِ، فإذا ذَهبتِ النجومُ، أَتى السماءَ ما تُوعدُ، و أَنا أَمَنةٌ لأَصْحَابي، فإذا ذهبتُ أَتَى أَصْحَابِي ما يُوعدونَ، و أَصْحَابي أَمنةٌ لأُمَّتِي، فإِذا ذهَب أصحابي أتى أُمَّتي ما يُوعَدُون ) [الألباني- صحيح الجامع].
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أن الرسول صلَّى الله عليه و سلَّم قال: ( إنَّهُ مَن يعِشْ منْكم بعدي فسيَرى اختِلافًا كثيرًا فعليكُم بسنَّتي و سنَّةِ الخلفاءِ الرَّاشدينَ المَهديِّينَ من بعدي تمسَّكوا بِها و عضُّوا عليها بالنَّواجذِ و إيَّاكم و مُحدَثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ ) [حديث صحيح: ابن تيمية- مجموع الفتاوى 19/35].
قال ابن كثير، في كتاب الباعث الحثيث:
"و أفضل الصحابة، بل أفضل الخلق بعد الأنبياء عليهم السلام: أبو بكر الصديق ثم من بعده عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب" و قال أيضا: "و ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة و هو راي المهاجرين و الأنصار" (موقع الدرر السنية).
لقد كان لابي بكر و عمر فضل الصهر النبوي، و كان لعثمان و علي فضل الصهر و القرابة، و كان للحسن و الحسين فضل السبطية النبوية و القرابة، و اجتمعوا رضي الله عنهم كلهم في فضل الصحبة و فضل العلم و التقوى و فضل العدل و الرحمة، أكرم الله تعالى عمرا و عثمان و عليا و الحسن و الحسين بالشهادة، و شهد الرسول صلى الله عليه و سلم للخلفاء الراشدين و لسبطيه الحسن و الحسين بالجنة.
طاعة ولي الأمر واجبة
قَالَ الله تَعَالَى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [ النساء: 59] .
و عن ابن عمر رضي اللَّهُ عنهما قالَ: سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ و سَلَّم يقول: " مَنْ خلَعَ يَداً منْ طَاعَةٍ لَقِى اللَّه يوْم القيامَةِ و لاَ حُجَّةَ لَهُ، وَ مَنْ ماتَ وَ لَيْس في عُنُقِهِ بيْعَةٌ مَاتَ مِيتةً جَاهِلًيَّةً" رواه مسلم.
و عن عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه و سلم على السمع و الطاعة، في منشطنا و مكرهنا، و عسرنا و يسرنا، و أثرة علينا، و ألا ننازع الأمر أهله، قال: (إلا أن تروا كفرًا بواحًا، عندكم فيه من الله برهان) [أخرجه البخاري و مسلم]، (إلا أن تروا كفرا بواحا) أي جهارا. من باح بالشيء، يبوح، إذا أعلنه (عندكم من الله فيه برهان) أي حجة تعلمونها من دين الله تعالى.
قال النووي : [ معنى الحديث لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم و لا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكرا محققا تعلمونه من قواعد الإسلام . فإذا رأيتم ذلك فأنكروه عليهم و قولوا بالحق حيثما كنتم . وأما الخروج عليهم و قتالهم فحرام بإجماع المسلمين، و إن كانوا فسقة ظالمين ].
فالنبي يأمر صلى الله عليه و سلم بطاعة أولي الأمر، و يحض على السمع لهم و الانقياد لما أمروا به، و يحذر من مخالفتهم، لأنهم المخول��ن بمصالح العباد بكلمة الله تعالى و حكمه، لكن هذه الطاعة مشروطة في كل هذا بأن لا تكون في معصية الله عز وجل، نعم فالشرط أن تكون طاعة أولي الأمر في طاعة الله و رسوله، و لا طاعة في معصية الله تعالى، و لكن دون الخروج عليه ، و الفرق هنا واضح بين عدم الطاعة و بين الخروج عليه وقتاله.
لكن الخوارج لم يفقهوا أحكام نصوص القرآن و السنة، فاستحلوا السيف على أهل القبلة حتى قتلوا عثمان بن عفان و علي بن أبي طالب و الحسين بن علي رضي الله عنهم و أرضاهم، فعثمان و علي إمامان تمت بيعتهما و الحسين قد دعاه أهل الكوفة ليبايعونه ثم نكثوا فقتلوه.
و إن وجد أن تولى الحكم حاكم ظالم، فالصبر على ظلمه أولى من الوقوع في شر أكبر، و القاعدة الشرعية التي أجمع عليها العلماء: أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه، بل يجب درء الشر بما يزيله أو يخففه، أما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين.
عن عبدالله بن عباس أن الرسول صلى الله عليه و سلم قال: ( مَن رَأَى من أمِيرِهِ شيئًا يَكْرَهُهُ فلْيَصْبِرْ عليه ، فإِنَّهُ ليس أحدٌ يُفارِقُ الجَماعةَ شِبْرًا فيَموتُ ، إِلَّا ماتَ مِيتةً جَاهِلِيَّةً ) [الألباني - صحيح الجامع].
لا شك أن الضرر في الصبر على جور الحكام أقل منه في الخروج عليهم؛ لما يؤدي إليه من الهرج و المرج، فقد يرتكب في فوضى ساعة من المظالم ما لا يرتكب في جور سنين، قال ابن تيمية: "و كل من خرج على إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر، أعظم مما تولد من الخير" (الدكتور عبد الله الدميجي في رسالته العلمية: الإمامة العظمى).
قال الشوكاني: "و لا يجوز لهم أن يطيعوه في معصية الله، و لا يجوز لهم أيضا الخروج عليه و محاكمته إلى السيف، فإن الأحاديث المتواترة قد دلت على ذلك دلالة أوضح من شمس النهار، و من له اطلاع على ما جاءت به السنة المطهرة انشرح صدره لهذا".
أسباب غلو الخوارج و الشيعة
عدم فقه الجمع بين الأدلة
في المسند عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه: أنه ذكر قصَّة الصحابـة الذين تمارَوا في آيةٍ من القرآن، فخـرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم مُغضَبَاً قد احمرَّ وجهـه يرميهم بالتراب و يقـول: ( إِنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَنْزِلْ يُكَذِّبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، بَلْ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَمَا عَرَفْتُمْ مِنْهُ فَاعْمَلُوا بِهِ، وَمَا جَهِلْتُمْ مِنْهُ، فَرُدُّوهُ إِلَى عَالِمِهِ ) [ مسند أحمد برقم (6702)، و أصله في مسلم، و صحح إسناده أحمد شاكر]، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فهذا الحديثُ و نحوُه ممَّا يُنهى فيه عن معارضة حقٍ بحق، و الواجبُ التصديقُ بهذا الحق و هذا الحق" (درء التعارض (8/404).
و لقد كان عدم الجمع بين الأدلة، و الاقتصار على بعضها و ضرب القرآن بعضعه ببعض سبب من أسباب انحراف الخوارج، و يتضح هذا في استدلالاتهم:
1- يقول الله تعالى: قال تعالى: { وَ مَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَ يَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَ لَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } [النساء-14] و يقول تعالى : { إلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَ رِسَالَاتِهِ وَ مَن يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا } [الجن-23].
2- و يقول الله تعالى: { قال تعالى: { تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَ مَن يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [النساء-13]، و قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ قُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَن يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب:70-71].
فالمجموعة الأولى هي مايسمى بنصوص الو عيد، و المجموعة الثانية هي ما اصطلح عليه بنصوص الوعد. فالخوارج أخذوا بعموم آيات الوعيد و قالوا: مرتكب المعصية الكبيرة الواحدة تكفر صاحبها و تكون كافية لخلوده في النار.
و المرجئة (الفرقة التي ظهرت بعد الخوارج) يأخذون بعموم أيات الوعد و قالوا: الإيمان هو الثصديق، و لايضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة. قال تعالى: { قال: { لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوا } [المائدة-93] يقول الإمام ابن باز رحمه الله: إن بعض الأولين كانت شبهتهم في تأويل هذه الآية، فإن قدامة بن عبد الله شرب الخمر و طائفة معه. و إنما نزلت هذه الآية في الذين شربوا الخمر و ماتوا قبل تحريمها. و لذلك اتفق عمر بن الخطاب مع علي بن طالب و سائر الصحابه رضي الله عنهم، على أنهم إن اعترفوا بالتحريم جُلِدُوا، و إن أصروا على استحلالها قُتِلُوا.
و الذي عليه أهل السنة و الجماعة الإيمان بالوعد و الوعيد، و ما توعد الله تعالى به العبد من العقاب بينه بشروط: أن لايتوب: فمن تاب تاب الله عليه، و ألا تكون له حسنات: فالحسنات تذهب السيئات، و ألا يغفر الله له : فالله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء. وإن من مات على الكبائر فامره إلى الله إن شاء غفر له و إن شاء عذبه، و أن من مات من أصحاب الكبائر على الإيمان و دخل النار لم يخلد فيها، و في هذا بيان بطلان قول المرجئة الذين يحكمون بأن صاحب الكبيرة لا يعذب أصلا، و إنما العذاب للكفار.
الزيغ و إتباع المتشابه
يقول تعالى: { قال تعالى: { هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَ أُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَ مَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَ مَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ } [آل عمران-7].
و عن عائشة رضي الله أن الرسول صلى الله عليه و سلم تلا هذه الآية و قال: ( إذا رأيتم الذين يتبعون المتشابه، فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم ) [رواه مسلم].
فقد كان السلف يؤدبون متبع المتشابه تأديبا بليغا لخطورته: فعن سليمان بن يسار رحمه الله أن رجلا يقال له صبيغ قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر و قد اعد له عراجين النخل،فقال:من أنت؟ قال: انا عبد الله صبيغ، فقال عمر: و انا عبد الله عمر، ثم أخذ عرجونا من تلك العراجين فضربه حتى أدمى رأسه.
فمتبع المتشابه و صفه القرآن أن في قلبه زيغ أي انحراف و ميل عن الحق، فيؤول القرآن بما يوافق هواه (التفسير الميسر).
و كذلك فعل الخوارج، حين اتفق علي بن ابي طالب و معاوية بن أبي سفيان على الاحتكام إلى كتاب الله تعالى، فرفضوا التحكيم و قالوا: { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ } [يوسف-40]
أخذوا النص على ظاهره و قطعوه عن بيانه، و زعموا ألا يحكم البشر و لايطلب منهم الحكم بشرع الله، و إن هذا ليس إلا حكم بغير ما أنزل الله، فنقموا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأنه حَكَّمَ الحكمين، فرد عيهم ببعض الآيات منها: قوله تعالى: { وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا } [النساء-35] فيها أمر الله بتحكيم حكمين في أمر رجل و امرأة، قال علي رضي الله عنه: فامة محمد صلى الله عليه و سلم أعظم دما و حرمة من امرأة و رجل.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في بيان أول زيغ الخوارج: كان أول كلمة خرجوا بها قولهم { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ } [يوسف-40] انتزعوها من القرآن و حملوها على غير محملها.
فقد أعرض الخوارج عن المنهج الرشيد في التعامل مع آيات القرآن الكريم و أخذوا بظواهر النصوص من غير تدبر و لا نظر في مقاصدها الشرعية.
أسس منهج الضلال عند الشيعة
أسباب مقتل عثمان رضي الله عنه
قال محب الدين الخطيب في حاشيته على العواصم (ص73) : "الذين شاركوا في الجناية على الإسلام يوم الدار طوائف على مراتب ، فيهم الذين غلب عليهم الغلو في الدين فأكبروا الهنات و ارتكبوا في إنكارها الموبقات ، و فيهم الذين ينزعون إلى عصبية يمنية على شيوخ الصحابة من قريش ، و لم تكن لهم في الإسلام سابقة ، فحسدوا أهل السابقة من قريش على ما أصابوا من مغانم شرعية جزاء جهادهم و فتوحهم ، فأرادوا أن يكون لهم مثلها بلا سابقة و لا جهاد . و فيهم الموتورون من حدود شرعية أقيمت على بعض ذويهم فاضطغنوا في قلوبهم الإحنة و الغل لأجلها ، و فيهم الحمقى الذين استغل السبئيون ضعف قلوبهم فدفعوهم إلى الفتنة و الفساد و العقائد الضالة ، و فيهم من أثقل كاهله خير عثمان و معروفه نحوه ، فكفر معروف عثمان عندما طمع منه بما لا يستحقه من الرئاسة و التقدم بسبب نشأته في أحضانه ، و فيهم من أصابهم من عثمان شيء من التعزير لبوادر بدرت منهم تخالف أدب الإسلام ، فأغضبهم التعزير الشرعي من عثمان ، و لو أنهم قد نالهم من عمر أشد منه لرضوا به طائعين ، و فيهم المتعجلون بالرياسة قبل أن يتأهلوا لها اغتراراً بما لهم من ذكاء خلاب أو فصاحة لا تغذيها الحكمة ، فثاروا متعجلين بالأمر قبل إبانه ، و بالإجمال فإن الرحمة التي جبل عليها عثمان رضي الله عنه وامتلأ بها قلبه أطمعت الكثيرين فيه ، و أرادوا أن يتخذوا من رحمته مطية لأهوائهم".
لعله بعد هذا لا يبقى مكان و لا مصداقية للروايات التي تش��ك الصحابة رضوان الله عليهم في قتل عثمان و التآمر عليه ، فقد اجتهدوا في نصرته و الذبّ عنه ، و بذلوا أنفسهم دونه ، فأمرهم بالكف عن القتال و قال إنه يحب أن يلقى الله سالماً، و لوا أذن لهم لقاتلوا عنه، فثبتت براءتهم من دمه رضوان الله عليهم كبراءة الذئب من دم يوسف.
عبد الله بن سبأ مؤسس التشيع
أخذ عبد الله بن سبأ اليهودي بعد أن تظاهر بالإسلام، يتنقل في بلاد المسلمين يحاول إفساد ذات البين فبدأ بالحجاز، ثم بالكوفة، ثم بالشام فلم يتحقق له ما أراد عند أهل هذه البلاد، فخرج إلى مصر، فوضع لهم القول بالرجعة فتكلموا فيها، ثم وضع لهم القول بالوصية فقال لهم: إنه كان ألف نبي، ولكل نبي وصي، و كان علي وصي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم قال : محمد صلى الله عليه و آله و سلم خاتم الأنبياء و علي خاتم الأوصياء، و من أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و وثب على وصي رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و تناول أمر الأمة.
ثم قال لهم بعد ذلك : إن عثمان أخذها بغير حق و هذا وصي رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فانهضوا في هذا الأمر، فحركوه، و ابدأوا بالطعن على أمرائكم، و أظهروا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر تستميلوا الناس و ادعوهم إلى هذا الأمر، فبث دعاته، و كاتب من كان قد استفسده في الأمصار و دعوا في السر إلى ما عليه رأيهم، حتى أوسعوا الأرض إذاعة يريدون غير ما يظهرون و يسرون غير ما يعلنون ( كتاب عبد الله بن سبأ وإمامة علي رضي الله عنه - علي السلمان) [و في هذا الكتاب أفرد المؤلف عدة مباحث حول حقيقة ابن سبأ بين من انكرها و بين من أثبتها، و قدم الأدلة الدامغة التي تثبت أن شخصية ابن سبأ كانت حقيقية في التاريخ الإسلامي].
و بعد أن انتقل أمر الأمة إلى أبي السبطين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بمبايعة الصحابة له خليفة رابعا للمسلمين، أخذ ابن سبأ يدعو اتباعه و من اغتر به إلى ولاية علي رضي الله عنه ، و زعم أن ولايته لا تتم إلا بالبراءة من أعدائه و هم في نظره الخلفاء الراشدون السابقون له في الخلافة، فكان ابن سبأ أول من أظهر البراءة من أبي بكر و عمر و عثمان و الصحابة ، كما نص على ذلك كبار علماء الشيعة المتقدمين كالأشعري القمي و الكشي و النوبختي فقد نقلوا في كتبهم هذا النص:
و حكى جماعة من أهل العلم من أصحاب علي عليه السلام أن عبدالله بن ســــبأ كان يهوديا فأسلم و والى عليا عليه السلام و كان يقول و هو على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى عليه السلام بهذه المقالة فقال في إسلامه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمثل ذلك و هو أول من أشهر القول بفرض إمـــامة علي عليه السلام و أظهر البراءة من أعدائه و كاشف مخالفيه فمن هناك قال من خالف الشيعة إن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية.
و هكذا استطاع عبد الله بن سبأ بما بثه بين أتباعه من عقيدة الوصية، و الرجعة، و البراءة من الصحابة، ثم إظهاره الغلو في علي و أبنائه، أن يضع الجذور الأساسية لفرقة تستمد مبادئها و أفكارها من اليهود في ثوب إسلامي، نُسبت هذه الفرقة إليه فاطلق عليها (السبئية).
ثم نهلت بقية فرق الشيعة التي جاءت بعد هذه الفرقة من معين الفكر السبئي، كلٌّ على قدر ضلالته و بعده عن الإسلام . و كان أكثر هذه الفرق تأثرا بالسبئية و فكرها اليهودي الشيعة الاثنى عشرية (نفس المصدر السابق).
Tumblr media
موقف الإمام علي من ابن سبأ و الزنادقة
نفي عبد الله بن سبأ
بعض الروايات تذكر أن ابن سبأ لم يظهر القول بألوهية علي إلا بعد وفاته، و هذا يؤيد الرواية التي تذكر أنه نفاه إلى المدائن حينما علم ببعض أقواله، و غلوه فيه.
و قد ذكرت هذه الروايات في كتب الشيعة أيضا.
و يمكن أن يقال، و هو أقل اعتذار: إنه تركه لعدم ثبوت تلك الأقوال عنده؛ لأن ابن سبأ كان يرمي بها من خلف ستار.
أو لأن دعوى الألوهية لم توجد إلا بعد وفاة علي رضي الله عنه كما يرى بعضهم، وةأنه حينما نفاه إلى المدائن كانت دعواه لم تصل إلى حد تأليهه لعلي رضي الله عنه.
و قد جرأت هذه الدعوى الكثير بعد ذلك على دعوى الألوهية لأشخاص من آل البيت بل و من غيرهم.
قال علي رضي الله عنه: "سيهلك مبغض فِيَّ صنفان محب مفْرط يذهب به الحب إلى غير الحق، و مبغض مفرط يذهب به البغض إلى غير الحق و خير الناس فِيَّ حالاً النمط الأوسط فالزموه السواد الأعظم فإن يد الله على الجماعة.
و هكذا شاء الله أن ينقسم الناس في علي رضي الله عنه إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: مبغض، و هؤلاء هم الذين تكلموا فيه بل غالى بعضهم فقالوا بكفره كالخوارج.
و القسم الثاني: أفرط في حبه و ذهب به الإفراط إلى الغلو حتى جعلوه بمنـزلة النبي بل ازدادوا في غيهم فقالوا بألوهيته.
و أما السواد الأعظم فهم أهل السنة و الجماعة من السلف الصالح حتى الوقت الحاضر فهم الذين أحبوا علياً و آل بيته المحبة الشرعية، أحبوهم لمكانتهم من النبي صلى الله عليه و سلم (موقع الدرر السنية).
إحراق الزنادقة
حرَّق علي رضي الله عنه بعض الزنادقة الذي ادَّعوا له الألوهية ، و قد استتابهم حتى يرجعوا عن قولهم فأبوا، فأمر بحفرة فأضرمت فيها النار ثم أحرقهم فيها ، و قد بلغ ذلك ابنَ عباس فأنكر عليه الحرق للنهي عنه، و لم يُنكر عليه أصل قتلهم.
و قصةَ تحريق علي رضي الله عنه لهم قد رواها البخاري في صحيحه:
رواه عن عكرمة -( 2854 ) : أنَّ عليًّا حرَّق قوماً، فبلغ ابنَ عباس فقال : لو كنتُ أنا لم أحرِّقهم ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه و سلم قال ( لا تُعذِّبوا بعذاب الله ) و لَقَتَلتُهم كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : ( مَن بدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ).
حبل الغلو لم ينقطع في عصرنا
تنوعت و تفاوتت استجابة الناس لدعوات كل رسل الله تعالى بين:
- متمسك بالحق، مستقيم على طريقه.
- مفرطٍ مضيع لحدود الله.
- غالٍ و زائغ تجاوز حدود الله.
Tumblr media
و وقعت بذرة الغلو العقدي في زمن النبي صلى الله عليه و سلم و وقوعه كان نتاج عوج نفسية الغلاة فقال صلى الله عليه و سلم عمَّن غلا غلواً اعتقادياً في زمنه فطعن في مقام النبوة: ( إن من ضئضئي هذا قوماً يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يقتلون أهل الإسلام و يدعون أهل الأوثان ) [رواه سعيد الخدري-متفق عليه].
كما وقع الغلو العملي في عهده صلى الله عليه و سلم ففي حديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه الذي ذكر فيه الثلاثة رهط قال: فقال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبداً، و قال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، و قال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: ( إني لأخشاكم لله و أتقاكم له، لكني أصوم و أفطر، و أصلي و أرقد، و أتزوج النساء، فمن رغب عن سنني فليس مني ) [رواه البخاري].
و هذا الغلو العملي الجزئي تتكرر صوره في كل زمان على يدي أفراد من الناس على مر التاريخ، و قد يتحول إلى رأي تتبناه جماعة أو طريقة صوفية.
و أما الغلو الكلي الاعتقادي فقد نمت بذرته الخبيثة بعد الفتنة الكبرى لتثمر شراً و فتناً فنتجت: الخوارج و الرافضة في جملة أخرى من مذاهب الغلو، وكان لهم أثر خطير جداً على المستوى العقدي والفكري والمنهجي، بالذات عند من قل علمه وفقهه للنصوص الشرعية، وتكمن خطورتهم أن لهم استدلالات بنصوص صحيحة لكنهم حرفوها، وجعلوها في غير ما أمر الله منها، وشبهاتهم قوية.
و لم ينقطع حبل الغلاة إلى عصرنا الحديث الذي أضحت فيه مشكلة الغلو من أهم المشكلات في عصرنا، و صارت هماً يؤرق أعداء الإسلام و المسلمين، كما هو هم يؤرق أهل الإسلام.
و حين تتقابل الأهواء يسود الهرج و الفساد في الأرض، قال تعالى: ﴿ وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ﴾ [المؤمنون-71 ]. و أحداث الحياة حين توزن بميزان الكتاب و السنة ليعرف حكم الله فيها يرشد الناس، و أما حين يتعامل المرء مع الحدث من وجهة غير شرعية، فإنه في الغالب يقابل الانحراف بانحراف مضاد.
فمن مقتضيات مرجعية كتاب الله عز وجل و سنَّة رسوله صلى الله عليه و سلم أن نصدِّر العلماء بشرع الله تعالى؛ ليتولوا معالجة هذه المشكلة، و يضعوا منهج المعالجة؛ فإن ذلك من أظهر مهام العلماء، ففي الحديث الذي رواه إبراهيم بن عبدالرحمن العذري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ( يحمِلُ هذا العِلمَ من كلِّ خلَفٍ عدولُه ينفونَ عنهُ تحريفَ الجاهِلينَ وانتحالَ المبطلينَ وتأويلَ الغالينَ ) [حديث صحيح- الإمام أحمد].
Tumblr media
27 notes · View notes
lujain-37 · 4 years
Text
سُكوتي بَلاءٌ لا أُطيقُ اِحتِمالَهُ ،وَقَلبي أَلوفٌ لِلهَوى غَيرُ نازِعِ .
فَأُقسِمُ ما تَركي عِتابَكِ عَن قِلىً ، وَلَكِن لِعِلمي أَنَّهُ غَيرُ نافِعِ.
أبو الفضل بن الأحنف
281 notes · View notes
Text
وَمـا غـابَ عَنّي وَجهُها مُذ رَأَيتُهـا ... وَلا مـالَ بي عَنها إِلى غَيرِها قَلبي
وَلا رُمتُ عَنها سَلوَةً وَلَو أَنَّني ... تَجَنَّبتُها يَوماً لَعاقَبَني رَبّي
وَلا اِختَلَفَت حالايَ في وَصلِ حَبلِها ... لَأَقطَعُهُ في البُعدِ مِنها وَفي القُربِ
ــــ أبو الفضل العباس بن الأحنف
Tumblr media
1 note · View note
abdulaziz2023 · 5 years
Text
Tumblr media
أبيات شعرية
.
شوقي إليك قريب لا ينائيني
والصبر عنك بعيد لا يدانيني
.
تركتني في شجوني للورى مثلاً
يميتني الوجد والأشواق تحييني
.
⚫معروف الرصافي
................................
شَوْقي إلَيكَ نَفَى لَذيذَ هُجُوعي
فَارَقْتَني وأقَامَ بَينَ ضُلُوعي
.
أوَمَا وَجَدْتُمْ في الصّراةِ مُلُوحَةً
مِمّا أُرَقْرِقُ في الفُراتِ دُمُوعي
.
⚫أبو الطيب المتنبي
................................
شَوْقِي إلَيْكَ مُجَاوِزٌ وَصْفي
وَظُهُورُ وَجْدِي فَوْقَ ما أُخْفِي
.
يا ليتَ جسمي كلهُ حدقٌ
حتى تراكَ وليتها تكفي
.
⚫الواوء الدمشقي
................................
أَرَاكَ الْحِمَى ! شَوْقِي إِلَيْكَ شَدِيدُ
وصبرى ونومى فى هواكَ شريدُ
.
مضى زمنٌ لم يأتنى عنكَ قادمٌ
ببشرى ، ولم يعطف على َّ بريدُ
.
وَحِيْدٌ مِنَ الْخُلاَّنِ في أَرْضِ غُرْبَة
أَلاَ كُلُّ مَنْ يَبْغِي الْوَفَاءَ وَحِيدُ
.
⚫البارودي
................................
دعيني أقاوم شوقي إليك
وأهرب منك ولو في الخيال
.
لأني أحبك وهما طويلاً
وحلم بعيني بعيد المنال
.
⚫فاروق جويدة
................................
إن شَوْقي إليك لو شِئتُ أن يزدادَ شيئاً لما وجدتُ مَزِيدا
ولَوَ انّ اللّقَاء من قَبلِ أن يرتدّ طرفي رأيتُ ذاك بعيدا
.
⚫أبو الفضل بن الأحنف
................................
أي سر يعتري شوقي إليك
إن شوقي حائر في مقلتيك
.
وتناهيد الهوى كم أذبلت
نظرات ترتوي من مدمعيك
.
⚫فواغي صقر القاسمي
................................
شَوْقٌ إلَيكِ، تَفيضُ منهُ الأدمُعُ،
وَجَوًى عَلَيكِ، تَضِيقُ منهُ الأضلعُ
.
وَهَوًى تُجَدّدُهُ اللّيَالي، كُلّمَا
قَدُمتْ، وتُرْجعُهُ السّنُونَ، فيرْجعُ
.
⚫البحتري
................................
وَاطُولَ شَوْقِي إِلَيْكَ يَا وَطَنُ!
وَإِنْ عَرَتْنِي بِحُبِّكَ الْمِحَنُ
.
أَنْتَ الْمُنَى وَالْحَدِيثُ إِنْ أَقْبَلَ
الصُبْحُ، وَهَمِّي إِنْ رَنَّقَ الْوَسَنُ
.
⚫البارودي
................................
أَما اشتَقتَ يا إِنسانُ حينَ هَجَرتَني
وَقَد كِدتُ مِن شَوقي إِلَيكَ أَطيرُ ؟
.
أَراجِعَةٌ أَيّامُنا مِثلَ عَهدِها
وَأَنتَ عَلَيها إِن أَرَدتَ قَديرُ ؟
.
⚫البحتري
................................
شوقي إليك على الأيام يزداد
والقلب بعدك للأحزان معتادُ
.
⚫ابن الرومي
................................
اِعلَمي يا أَحَبَّ شَيءٍ إلَيّا
أَنَّ شَوقي إِلَيكِ قاضٍ عَلَيّا
.
⚫علي بن الجهم
................................
يا من قربت من الفؤاد
و أنت عن عيني بعيد
.
شوقي إليك أشدّ من
شوق السليم إلى الهجود
.
⚫إيليا أبو ماضي
................................
تُقِرّ دُمُوعي بِشَوْقي إلَيْكَ,
و يشهدُ قلبي بطولِ الكربْ
.
وإني لَمُجْتَهِدٌ في الجُحُودِ،,
وَلَكِنّ نَفْسِيَ تَأبَى الكَذِبْ
.
⚫أبو فراس الحمداني
...............................
وَبي شَوْقٌ إلَيْكَ أعَلَّ قَلْبي
وَمَا لي غَيرَ قُرْبِكَ مِنْ طَبيبِ
.
⚫الشريف الرضي
................................
و انتهى الحلم القديم
و ما انتهى
شوقي إليك
على سرايا المُنتهىَ
.
⚫معز عمر بخيت
................................
وإنيَ من فرطِ شوقي إليك ووجدي، كسيرٌ بلا جابرِ
ويُحسَبُ بينَ الضُّلوع الفؤادُ وقد طار في مخلبيْ طائرِ
.
⚫الشريف المرتضى
95 notes · View notes
shms-t · 4 years
Quote
يا مُوحِشي ويا مُؤنِسي إن كنتُ في الخَلوة ِ والإنفِرادْ يا شاغِلَ العَينِ بِطولِ البُكا وسالبَ العَينِ لذيذَ الرّقادْ
Tumblr media
16 notes · View notes
literary-texts · 6 years
Quote
وأهجرُ عمدًا لكي يقال لقد سلا ولستُ بسالٍ عن هواكِ إلى الحشرِ.
أبو الفضل بن الأحنف
358 notes · View notes
ishraqt-blog · 6 years
Text
خـَلَـطَ الله بــ روحــي رُوحــَهـا
فـهـُمـا فـي جَسَدي شـيءٌ أحــَد
هـوَ يَـحيـا أبـداً مـا اصـطـحـبــا
فـإذا مـا افـتـَرقـَا مـاتَ الـجَسـد
"أبو الفضل بن الأحنف"
10 notes · View notes
mutsa17 · 3 years
Text
وصف أبو الفضل بن الأحنف ‏الحال عند الوقوع بالحُب فقال:‏
كأنّما القلبُ من يوم ابتُليتُ بها
!‏بينَ السماءِ وبينَ الأرضِ طَيّارُ
0 notes
doriaan-gray · 6 years
Quote
ثارت حرارتها في الصّدر فاشتعلتْ, كأنّما هي نارٌ أُطعمتْ سَعَفا. طافَ الهَوَى بعِبادِ الله كُلّهِمُ, حتّى إذا مرَّ بي من بينهم وقفا.
أبو الفضل بن الأحنف
19 notes · View notes