للحُبِّ سمُوٌ وفضلٌ وأملٌ وأثرٌ طيّب ملموس لا يكادُ يُغفله الذكي فضلًا عن البليد، يُرى أثره في نفوس المحِبين وكلماتهم حتى يكاد يوازي أو يساوي تقريبًا ألمه وجواه أو ناره وعذابه، تلمحُ في وجوههم سكينةً وابتساماتهم اطمئنانًا وراحةً ما كانت لتبدوَ عليهم قبل أن يزورهم الحُب.
حتى أن بعضهم لا ينجح في حياته حتى يعرف الحب فيتحوّل..
هتقولي فضيلة يعني ايه؟ هشرحلك.
في الحلقة ١ من برنامج سواعد الإخاء ٩ موسم صناعة الذكريات د. محمد العويد -الله يرحمه- في فقرة من فقرات الحلقة افتتح كلمته فقال:
"ما أجمل عبارة شقيق البلخيّ لزوجته يومًا قال لها:
لو أن أهل بَلخ كلّهم كانوا معي وأنتِ ضدّي.. ما استطعتُ أن أقيمَ أمرَ ديني"
تخيّل؟ تأثير المحبة وصل لأبعد من نفسه وقلبه، هو تجاوزهم بعد ما غيّرهم وترك شيئًا من أثر المحبة في نفوسهم، فصاروا أَهْنَأ بالًا وأشرَح صدرًا وأوسَعَ قلبًا، زالت عنهم المكدِّرات والهواجس المُمرضة لقلوبهم ونفوسهم، فاستطاعوا لما كانوا يستصعبونه أقدَر وصاروا لما كانوا يخافونه أشجَع.. حتى خوف المجهول الذي يعانيه الإنسان حين يكون وحيدًا قد زال عنهم شيئًا فشيئًا بمجرد أن أخذ الحب مكانًا فلا يجتمع خوفٌ ومحبةٌ أبدًا، لأن الخوف يستأسِد بصاحبه كما يأكل الذئب من الغنم القاصية، ويجبُن الخوف ويضعُف أمام قلب صاحبه إذا ما وجده آمِنًا قريرًا في دواخله قبل خارجه، لا يغلب الخوف قلبًا يحملُ قلبًا آخر في جوفه ويرعاهُ أينما حلّ وارتحل.. فيصبِح الخوفُ واحدًا هزيلًا أمام قلبين اثنين معًا.. حتى إذا خاف قلب أحدهما لسببٍ ما تلقّفَه قلب الآخر قبل أن يضعف ويتمكن الخوف منه وحده.. فيبدأ في عبادة ربه بحقّ ويتعرف على خالقه بقلبٍ هادئٍ غير مشوّش ولا مشتّت.. فيؤدي العبادات بسكينة ويقوم بأعمال يومه بهدوء ممزوجٍ بالاطمئنان.. فيعرف ربه حقًا.
ولو أن الأصل في العبادة هو أن تعرِف الله وتحبه قبل كل شئ، لكن المتحابّين كذلك لا يفوتُهم ذاك الأجر إن كان حبهم وسيلةً للقرب منه سبحانه.. فلا ضير يعني.
في المعنى ده أو معنى قريب منه كان م. أيمن عبد الرحيم -فرج الله عنه- له كلمة يقول فيها:
ما نحتاجه هو الحُبّ، الإنسان لن يتعرّف على ربه بدون حُب..
ليه؟ لإنه ماتعودش حد يحبه، يعرف معنى الإحسان، والحمد، والنعمة، والشكر، والفضل، والرحمة..
فانت عايز حد مؤمن فعلاً، خليه سوي.. السواء بتاعه بفطرته، يؤديه إلى الله عز وجّل."
فتلقائي استحضرت أبيات إيليا أبو ماضي المميزة وهو بيحكي اللي كان بينه وبينها وازاي ده حوّل حياته: