انتخابات الرئاسة الإيرانية: رئيسي وجليلي ورضائي وهمتي في مقدمة المرشحين
قبل 52 دقيقة
صدر الصورة، FARS
التعليق على الصورة،
المرشحون السبعة في انتخابات الرئاسة الإيرانية
نشرت وزارة الداخلية الإيرانية القائمة النهائية للمرشحين في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وضمت سبعة أسماء بعد أن استبعد مجلس صيانة الدستور ثلاثة من أبرز المرشحين؛ وهم الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد ورئيس مجلس الشورى السابق علي لاريجاني والمرشح الإصلاحي اسحاق جهانغيري.
ويرى مراقبون أن هذه الاختيارات غلبت كفة المرشحين من المحافظين المتشددين في الانتخابات المقبلة، بعد أن أعلنت جبهة الإصلاحيين الإيرانية أنها لن تكون ممثلة في الانتخابات الرئاسية في الـ 18 من الشهر المقبل بعد استبعاد كل مرشحيها التسعة.
ودعا في رسالة أرسلها إلى القائد الأعلى للثورة الإسلامية، آية الله علي خامنئي، إلى التدخل لتوفير "منافسة أكبر" وإلا ستتحول الانتخابات إلى "جثة هامدة"، بحسب تعبيره.
ويضم مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة غير منتخبة، 12 من رجال الدين والمشرعين، وله القرار الفصل في اختيار أهلية المرشحين.
وقد أقر المجلس ترشيح سبعة فقط من بين 592 ممن سجلوا للترشح في الانتخابات الرئاسية.
فمن هم أبرز هؤلاء المرشحين وما هي توجهاتهم؟ نحاول هنا أن نقدم نُبذا تعريفية عنهم.
إبراهيم رئيسي
صدر الصورة، EPA
التعليق على الصورة،
يعد إبراهيم رئيسي من المقربين لآية الله علي خامنئي
بات الطريق ممهدا أمام رجل الدين المحافظ إبراهيم رئيسي في الانتخابات المقبلة بعد استبعاد أبرز المرشحين الإصلاحيين منها.
وكان رئيسي قد تنافس مع روحاني في الانتخابات الرئاسية السابقة في عام 2017، إلا أنه لم يحصل إلا على 38 في المئة من أصوات الناخبين، مما أعطى لروحاني دورة رئاسة ثانية.
ولم يكن رئيسي معروفا بشكل واسع بين الإيرانيين قبل انتخابات عام 2017، إذ كان قضى السنوات الماضية بعيداً عن الأضواء يعمل في السلك القضائي. وتربطه بقيادة الحرس الثوري علاقات قوية، وينظر اليه على أنه المرشح المفضل للتيار المتشدد.
ورئيسي حائز على شهادة دكتوراه في الفقه الاسلامي، وكان له صعود سريع في السلك القضائي، إذ اصبح مساعد النائب العام في طهران ولم يتجاوز سنه 25 عاما.
ويقول أمير عظيمي من بي بي سي فارسي إنه في عام 1988، كان رئيسي واحداً من القضاة الأربعة الأعضاء في ما اطلق عليه "لجنة الموت" التي كانت تقرر مصير الآلاف من معتقلي المعارضة الذين اعدموا عند انتهاء فترات محكومياتهم. وتعد تلك الإعدامات من الأحداث الأكثر سرية في تاريخ ايران ما بعد الثورة، ولم يتم التحقيق فيها رسميا قط.
ومن غير المرجح أن يثار هذا الموضوع من جانب الإعلام الايراني الرسمي خلال هذه الحملة الانتخابية، ولكنه يناقش بالفعل على نطاق واسع من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومن قبل الاعلام الناطق بالفارسية في الخارج.
وفي آذار / مارس 2016، عين رئيسي مديرا لواحدة من أغنى وأهم المؤسسات الدينية في ايران، وهي مؤسسة "آستان قدس رضوی"، وكلف بمسؤولية الإشراف على مرقد الإمام الرضا في مشهد. ويعد هذا المنصب منصبا يحمل الكثير من الهيبة والنفوذ.
وأدى تعيين رئيسي فيه الى استنتاج كثيرين بأنه إنما يُعد ليخلف المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، بحسب عظيمي الذي يقول إن بعض المراقبين يرون أن ترشحه لمنصب الرئيس إنما هو على سبيل الاستعداد لتولي المنصب الاعلى - منصب المرشد. واذا صح ذلك، فإن قرار ترشحه للرئاسة ليس خاليا من المخاطر، فاذا خسر بعد حملة تتسم بالمرارة لن يكون من السهل تعيينه مرشداً في القريب العاجل.
صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
جاء رضائي في المرتبة الرابعة في نتائج المرشحين للرئاسة في عام 2013
محسن رضائي
يشغل رضائي منصب أمين عام مجمع تشخيص مصلحة النظام. وسبق أن ترشح في انتخابات عام 2007 لكنه لم يحصل إلا على نسبة 1.7 في المئة من الأصوات، لكنه جاء في المرتبة الرابعة في نتائج المرشحين للرئاسة في عام 2013.
يُوصف رضائي، المولود في عام 1954 في محافظة خوزستان في الجنوب الإيراني، بأنه من "جيل الثورة الإسلامية في إيران"، إذ عمل منذ صباه في النشاط السياسي الإسلامي ضد نظام شاه إيران واعتقلته الشرطة السرية "السافاك" وقتها، وانخرط بعد نجاح الثورة الإسلامية في صفوف الحرس الثوري الإيراني عند تأسيسه، ليصبح في عام 1979 عضوا في مجلس قيادة الحرس الثوري الإيراني؛ ثم عينه آية الله الخميني قائدا له في عام 1981 إبان الحرب العراقية الإيرانية، وقد ظل على رأس القوات المسلحة الإيرانية حتى انتهاء الحرب.
وفي عام 1997 ترك العمل العسكري وتفرغ للعمل السياسي وقد عينه خامنئي في منصب أمين عام مجمع تشخيص مصلحة النظام، كما رأس اللجنة الاقتصادية فيه بعد حصوله على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد بعد أن غير تخصصه السابق من الهندسة الميكانيكية إلى الاقتصاد.
ويقول مسعود أزار من القسم الفارسي في بي بي سي إن رضائي يرى في نفسه منافسا لرئيسي ويحاول أن يُميز نفسه عنه عبر التركيز على الاقتصاد والقضايا المالية.
ويشير بعض المراقبين للشأن الإيراني إلى أن رضائي حاول في تصريحاته الأخيرة أن يُظهر نفسه بمظهر أكثر اعتدالا ملمحا إلى إمكانية انتهاجه سلوكا براغماتيا في ملف العلاقات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لتحقيق مصالح اقتصادية لإيران.
صدر الصورة، EPA
التعليق على الصورة،
شغل جليلي منصب الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني
سعيد جليلي
سياسي ودبلوماسي إيراني شغل منصب الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني، وتولى ملف المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني.
ولد في مدينة مشهد الإيرانية في عام 1965 ,أكمل دراسته الأكاديمية بالحصول على شهادة الدكتوراة في العلوم السياسية من جامعة الإمام الصادق في طهران وكانت أطروحته حول نموذج الفكر السياسي في الإسلام.
أصيب إصابة بالغة خلال القتال في الحرب العراقية الإيرانية أثناء ما عرف بعمليات كربلاء 5 في عام 1986، افقدته ساقه اليمني التي يستعيض عنها الآن برجل اصطناعية.
ويتقن جليلي اللغتين العربية والإنجليزية إلى جانب الفارسية، وقد بدأ العمل في وزارة الخارجية الإيرانية في عام 1989، ثم انتقل للعمل في مكتب القائد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي في عام 2001 ليتولى الإشراف على قسم تخطيط السياسات فيه حتى عام 2005.
ويعد مقربا من الرئيس السابق أحمدي نجاد الذي رشحه بعد فوزه في انتخابات 2005 لتولي وزارة الخارجية، لكنه لم يُعين في النهاية في هذا المنصب وعين رئيساً لدائرة أوروبا والولايات المتحدة في الخارجية الإيرانية.
ويصفه البعض بأنه "أحمدي نجاد" الثاني لميله لذات السياسات الشعبوية ويحظى بدعم من الحرس الثوري والتيار الأصولي المحافظ في إيران.
وفي نتائج الانتخابات الرئاسية في عام 2013 ، التي فاز فيها روحاني، جاء ترتيبه الثالث بعد حصوله على أكثر من أربعة ملايين صوت.
صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
يشغل همتي منصب محافظ البنك المركزي الإيراني
عبد الناصر همتي
سياسي واقتصادي يشغل منصب محافظ البنك المركزي الإيراني منذ عام 2018. وجاء تعيينه بعد أشهر من إعادة فرض العقوبات الأمريكية على طهران.
درس همتي الاقتصاد وتخرج من جامعة طهران في عام 1978، وحصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة لندن عام عام 1993.
وبدأ حياته المهنية مديراً عاماً لقسم الأخبار في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الوطنية إلإيرانية، وتولى خلال الحرب العراقية - الإيرانية مسؤولية ما عرف بعمليات التبليغ والدعاية الحربية.
وشغل منصب نائب رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الوطنية إلإيرانية للفترة من 1989 إلى 1994.
وتولّى همتي بعد ذلك رئاسة مؤسسة التأمين المركزي في إيران وبقي في منصبه 11 عاما في الفترة من 1994 حتى 2006 ، ثم عاد ثانية لتولي هذه المنصب في الفترة من 2016 إلى 2018 .
وشغل همتي أيضا منصب المدير التنفيذي لبنك سينا الإيراني حتى عام 2013، وبنك ملي إيران للفترة من 2013 حتى 2016.
ومع تشديد العقوبات على إيران، قام همتي برحلات إلى العراق وكوريا الجنوبية والصين وعُمان في محاولة لإبقاء قنوات مالية واقتصادية مفتوحة مع الشركاء التجاريين الأساسيين لإيران.
صدر الصورة، FRAS
التعليق على الصورة،
استبعد مجلس صيانة الدستور ثلاثة من أبرز المرشحين بينهم الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد
أمیر حسین قاضي زاده هاشمی
سياسي إيراني يصنف ضمن التيار المحافظ ولد في عام 1971. وهو النائب الأول لرئيس مجلس الشورى الإيراني (البرلمان).
ينتمي هاشمي إلى "جبهة ثبات الثورة الأسلامية" التي توصف بأنها جماعة أصولية متشددة ضمن التيار المحافظ. وقد دخلت في قائمة انتخابية في انتخابات عام 2013. وقد عمل هاشمي ناطقا باسم هذه الجبهة.
وتقول تقارير أن هذه الجبهة تحظى بمباركة رجل الدين المحافظ آية الله محمد تقي مصباح يزدي.
دخل هاشمي البرلمان الإيراني في عام 2008 بعد انتخابه ممثلا عن دائرة مشهد الانتخابية، ويشغل حاليا منصب نائب رئيسه.
محسن مهر علي زاده
سياسي يُصنف ضمن التيار الإصلاحي، وقد عمل نائبا للرئيس ورئيسا لهيئة الرياضة الإيرانية إبان حكم الرئيس محمد خاتمي.
ولد في عام 1956 وهو من الاثنية الاذرية في إيران.
وسبق أن عمل محافظاً على أصفهان، كما عمل أيضا محافطا على خراسان في فترة رئاسة خاتمي الأولى.
سبق لمجلس صيانة الدستور أن رفض ترشح مهر علي زادة في انتخابات عام 2005، لكنه أعيد إلى قائمة المرشحين في اليوم التالي بعد تدخل القائد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي.
وجاء ترتيبه السابع في نتائج الانتخابات بعد أن حصل على 1.2 مليون صوت، معظمها من محافظات إيران التي تسكنها أغلبية أذرية.
صدر الصورة، EPA
التعليق على الصورة،
يملك زاكاني موقع جهان الأخباري ودورية بنجره الأسبوعية
علي رضا زاكاني
ولد زاكاني في حي شعبي فقير في جنوب طهران، ويُصنف ضمن ما يُعرف بالجيل الثاني من السياسيين المحافظين.
تطوع خلال سنوات دراسته في صفوف الباسيج وهي قوات شبه عسكرية تدعم النظام في إيران.
وهو نائب سابق في البرلمان الإيراني. ويملك موقع جهان الأخباري ودورية بنجره الأسبوعية.
التعليق على الفيديو،
الانتخابات الرئاسية في إيران: من هم أبرز المرشّحين؟
يحاول زاكاني التركيز على قضايا الفساد في حملته الانتخابية ويستثمر منصاته الإعلامية لذلك.
سبق لزاكاني أن حاول الترشح في انتخابات الرئاسة في عامي 2013 و 2017 لكن مجلس صيانة الدستور لم يقر أهليته للترشيح.
وهو نائب سابق في البرلمان الإيراني عن دائرة انتخابية في العاصمة الإيرانية طهران.
from آي خبر | i5br https://ift.tt/3utvAs1
0 notes
الفكر العربي في عصر النهضة - الفصل الرابع
يفتتح حوراني الفصل الرابع من كتابه، بتأريخ ظهور النخب المعتنقة للقيم الأوربية بعام ١٨٦٠. ويُعزي شرارة البداية لشينازي وضياء باشا ونامق كمال. بدايات حركة النهضة كانت شديدة الحيرة وذات سلوك تلفيقي بشكل واضح. التمسك بالماضي وفي نفس الوقت محاولة اللحاق بركب التقدم. وظهرت تساؤلات هل هناك تناقض، هل يمكن التوفيق دون صدام
الشخصية الأولى التي سيتناولها حوراني في كتابة، كانت المصري "رفعت بدوي رافع الطهطاوي". تكونت شخصية الطهطاوي بشكل واضح في فرنسا. حيث قضى خمسة سنوات مبتعثا من الحكومة المصرية. افكار رفاعة محورية جدا. محورية لدرجة ان الحيرة الناتجة عنها قائمة حتى الآن
اطروحات رفاعة وإن كانت تبدو بديهية الآن، إلا انها في زمنها كانت ثورية ومارقة. مثلا، اهتمامه بمصر الفرعونية، واشارته إليها كجذور لمصر، غير التصور العام عن الفراعنة من تصورات المساخيط والدجل لتصورات الحضارة العظيمة. حتى أنه في سبيل ذلك كان يستشهد بها في تعاليمه بعد الأحاديث النبوية. الغريب أن رفاعة اتطلع على الحضارة المصرية في فرنسا، عن طريق الفريد دي ساسي. وعاد من هناك مفتخرا بها
الطهطاوي يعتبر من رواد القومية المصرية، حيث آمن بالوطنية كرابط مجتمعي، مغادرا أنصار الجامعة الإسلامية. حيث رأى أن مصر وطن متميز له شخصية مستقلة وتاريخ عريق. وهي رؤية ستترسخ بعد ذلك
من اقوى اطروحات رفاعة، التوفيق بين القيم الفرنسية والإسلام. فقد اعتاد على الدعوة للقيم الغربية بعد نسبها إلى الإسلام. اشهرها محاولة التوفيق بين مبدأ فصل السلطات عند مونتسكيو ومبدأ كون الشريعة فوق الحاكم في الفكر الاسلامي التقليدي. محاولات الطهطاوي ومنهجه لازالت قائمة إلى اليوم. لعل عذر الطهطاوي بيئته وعصره. جدير بالذكر أن في سياق مناشدات رفاعة للأزهر كي يقر بالعلوم العقلية ويعترف بها، روج رفاعة لمقولة ان أصول تلك العلوم كانت عند المسلمين قديما، إلا أنهم تهاونوا وتركوها. وما تبنيهم لها الآن إلا استعادة له
ثم ينتقل حوراني إلى الشخصية الثانية من فصله الرابع، خير الدين التونسي، القوقازي الوافد لاسطنبول مقدما خدماته كعسكري أو كسياسي. خدم خير الدين باي تونس (باي تعادل بيه في مصر) وتولى إدارة المدرسة العسكرية. ثم ذهب لفرنسا بسبب دعوى أقامها وزير سابق على الحكومة. وكالطهطاوي، أثارت الحقبة الفرنسية أفكار خير الدين و دفعته لمشروع إصلاحي. عاد خير الدين لتونس وزيرا للبحرية وبجانبها رئيسا لمجلس الشورى وعضو لجنة الواضعة للدستور. وفي 1859 أرسله الباي الجديد، صادق، إلى اسطنبول لإقناع السلطان بحماية تونس من التربص الفرنسي. إلا أنه خاب هدفه وعاد. فلم تكن تركيا راغبة في عداء فرنسي. وكرر الزيارة في 1864 وعاد خائبا مرة اخرى. وكأن “التالتة تابتة” بالفعل، نجحت مساعي خير الدين في زيارته الثالثة 1871 وحصل من السلطان على فرمان، يضع تونس كجزء من الامبراطورية العثمانية.
بجانب وظائفه في الحكومة التونسية، تولى خيرالدين وزارة الداخلية والخارجية والمالية. ثم عين رئيسا للوزراء في 1873 حتى 1877، حين أقاله الباي بسبب رغبته في توسيع سلطة الوزراء على حساب سلطاته. سافر بعدها إلى اسطنبول ليعين صدرا أعظم في 1878 ولكن سرعان ما استغنى عنه السلطان عبد الحميد في 1879، بسبب رغبته أيضا في توسيع سلطات الوزارة
مشروع خير الدين كان عثمانيا يرمي إلى جعل تونس ضمن امبراطورية تقودها تركيا. عكس مشروع الطهطاوي الذى رأى في مصر وطنا متميزا عن من حوله. ألبرت حوراني لخص مشروع خير الدين إلى شقين. أولا، إقامة حكم صالح يتلزم فيه الحاكم بالشريعة وأخذ مشورة “أهل الحل والعقد”. وثانيا، قبول منتجات الغرب باعتبارها تتوافق مع روح الشريعة.
بخصوص الشق الأول. اعتبر خير الدين وجود مجلس من علماء الدين والأعيان مفيدا لقوة الحاكم، ومصوبا لاخطائه. كما أراد سلطات أوسع للوزراء، وهو ما اطاح به من قبل باي تونس و سلطان الدولة العلية. إلا أنه على عكس أراءه، لم يكن مهتما بإقامة حياة دستورية في كلتا حقبتيه. وكان يرى أن وجود دستور يسلتزم رغبة الراعي أو الرعية. وهو ما لم يجده. لذا لم يهتم به. وأيضا لم يهتم بإعادة الحياة البرلمانية. بل هاجم حزب “تركيا الفتاة” بسبب دعواته لحياة برلمانية لوجود مسيحيين عثمانيين ضمن اعضائه. ولم ير فيهم أي ولاء للدولة لذا ارتاب دعوتهم ورفضه��. بخصوص الشق الثاني، رأى خير الدين أن على المسلمين التبني من مؤسسات أوربا الحديثة ما يعادل المؤسسات الاسلامية القديمة. وهو ما يشابه دعوات الطهطاوي لأسلمة المنتجات الغربية حتى يتقبلها المجتمع المسلم
المشترك في فكري الطهطاوي وخير الدين، الرغبة في استيراد منجزات الفكر الغربي. باعتباره ضرورة لاستمرار الحكومات الشرقية. وكليهما رأى ضرورة أسلمة تلك المنجزات حتى ينجح تطبيقها في مجتمعات مسلمة، ترتاب المنجز الأوربي باعتباره مسيحيا. وسعيهما أيضا لتطوير مستوى رجال الدين لمجاراة عصرهم، وتقبل العلوم العقلية والتوقف عن محاربتها. يختلف الطهطاوي هنا في رغبته في إعادة تعريف كلمة "علماء" لتشمل علماء العلوم الطبيعية. وليس علماء الدين فقط. يختلف الطهطاوي أيضا في دعوته للوطنية. عكس خير الدين الذي كان ولاءه أولا وأخيرا لتركيا كرأس الإمبراطورية.
ينتقل حوراني إلى مثالين مختلفين، فارس الشدياق وبطرس البستاني. فارس الشدياق كان من عائلة مارونية عريقة. أُعدم أخوه بقرار الكنيسة بسبب اعتناقه المذهب البروتسانتي. وهو ما دفع الشدياق إلى السفر لمصر، ومنها إلى مالطا، ثم إنجلترا، ثم فرنسا. وهناك تعرف على باي تونس، والذي قدمه للباب العالي نظرا لقوة لغته العربية. وهناك في تركيا، عمل على إنشاء جريدة الجوائب 1860. الجريدة المدافعة عن السلطنة داخليا وخارجيا
على عكس الطهطاوي وخير الدين، لم يكن هناك ارتباكا فكريا أو رغبة في التنظير والتحايل لدي الشدياق في التعامل مع الفكر الأوربي. فالارساليات التي نشطت في لبنان قربت مسيحي الشرق من أوربا. خصوصا بسبب اتقان المسيحيين للغات الأوربية، بفضل عملهم كمترجمين أو في التجارة. ولم يكن هناك تلك الحساسية الدينية التي عانى منها الطهطاوي وخير الدين
المثال الرابع والأخير في الفصل الرابع، بطرس البستاني. ينتمي أيضا إلى عائلة مارونية. البستاني له انجازات هامة، كقاموس محيط المحيط، ودائرة المعارف العربية. وعمل على تطوير اللغة العربية والدعوة إلى الاهتمام بها. كسلفه، لم يكن البستاني حذرا في التعامل مع الفكر الأوربي. بل انتقده احيانا ورأى أنه على أهميته، علينا أن نقتبس منه النافع فقط. روج البستاني لأفكار الطهطاوي عن الأصل المشرقي للعلوم الأوربية. لكنه جعل هويتها عربية وليست إسلامية
0 notes