"تظاهرت بالشفاء من أمورٍ حطّمتني و غيرت في داخلي الشيء الكثير و لم أُشفى بعد، ويكفيني علمك يا الله بكل محاولة في سبيل أن أعيش و أنسى، و أن أنجو دائمًا من كل ما مر على قلبي بأقل ضرر."
علي الإنسان أن يهتم دائما بالنظر والتجول داخل الإنسان
وليس خارجه، فكثير حولنا ذوى مظاهر لامعة وروائح نفاذة تشدك وتجذبك نحوهم، لكن إحذر يا صديقي عليك ألا تنخدع في تلك المظاهر.
عند معرفتك لشخص ما عليك التجول داخله كي تعلم إمكانية صلاحيته لمرافقتك، فليس كل ما حولنا جميل، وليس كل جميل حقيقي في جماله ومناسب لنا.
عليك أن تتأكد أن العالم ليس ملئ بالأشخاص الجيدون
فالعالم أربع أجزاء، ربع حسن وثلاثة أرباع سيئون، فتوخى الحذر.
لا تندفع إلى مرافقة الأشخاص، عليك التفكير جيدا قبل اتخاذ قرار الرفقة وتذكر دائما أن الوحدة خير من جلساء السوء، فإن لم تجد من هو حسن فكن رفيقا لنفسك ولا تنسى أن الراحة في اعتزال الناس.
دائما تأتى المصائب نتيجة الاختلاط بالبشر، لا أقول بهذا أن الحياة الاجتماعية سيئة وليست مهمة، ولكن أؤكد فقط على حسن الاختيار والتمهل وعدم التسرع في الإندماج مع الأشخاص قبل محاولة معرفتهم جيدا حتى تتفادى أى مشاكل متوقع حدوثها بمرافقة السيئون.
هناك من البشر من يحمل أكثر من شخصية، تختبئ عادة شخصية مجهولة تحت شخصية ظاهرة وكأنها غطاء، عليك يا صديقي محاولة كشف الغطاء عن تلك المجهولة أولاً قبل اتخاذ قرار المرافقة وإلا فعليك تحمل الصدمات.
لا تنخدع بجميل الكلام وأعلم أنه وراء كل كلام كلام.
حاول جاهدا قراءة ما بين السطور فهناك سطور ليست واضحه إلا للفطناء.
كن فطينا، تحلى بالحكمة، كن متمهلاً.
إبحث دائما عن الوجه الخفى للشخصية ومن ثم تنجو من وجوه مزيفة ومظاهر خداعة، فمن البشر ما هم أشر من الشيطان.
"نحن لا نطرق الأبواب التي أغلقت في وجوهنا ولا نطلب لمن استدار أن يلتفت، لا نفرض على أحد وجودنا، لا نتحدث بأريحية مع من لا يهتم، نحن بسطاء، نؤمن بالعفوية والتداخل لكننا أعزاء في نفوسنا مدركين لمكانتنا.."
كتبت الكاتبة والصحفية الأمريكية الراحلة "إيرما بومبيك":
لم يكن أبي يفعل شيئاً، فلماذا افتقدته الى هذا الحدّ؟
عندما كنت صغيرة بدا لي أن الأب مثل مصباح الثلاجة، ففي كل بيت مصباح في الثلاجة لكن لا أحد يعرف تماماً ماذا يفعل حين ينغلق باب الثلاجة.
كان أبي يغادر البيت كل صباح وكان يبدو سعيدا"برؤيتنا ثانية" حين يعود مساء". كان يفتح سدادة قارورة المخللات على المائدة حين يعجز الجميع عن فتحها. كان الوحيد في البيت الذي لا يخشى النزول بمفرده إلى القبو. كان يجرح وجهه وهو يحلق ذقنه، لكن أحداً لم يتقدّم ليقبله أو يهتم بما حصل له. حين يمرض أحدنا نحن الأولاد كان هو من يذهب للصيدلية لإحضار الدواء.
كان دائماً مشغولاً، كان يقطع أغصان الورد في الممر لباب المنزل ليومين ویعاني من وخزات الأشواك ونحن نسير للباب الأمامي للمنزل. وهو الذي كان (يُزيت) عجلات مزلاجي كي تجري على نحو أسرع. وحين حصلت على دراجتي الهوائية كان هو الذي يركض إلى جانبي، وقطع ألف كيلومتر على الأقل قبل أن أسيطر عليها وحدي وأتعلم القيادة.
هو الذي كان يوقع بيانات علاماتي المدرسية. وقد أخذ لي صوراً لا تحصى من دون أن يظهر في واحدة منها. وهو الذي كان يشد لأمي حبال الغسيل المرتخية. وكنت أخاف من آباء كل الأولاد، إلا أ��ي لا أخاف منه.
أعددت له الشاي ذات مرة وكان عبارة عن ماء فيه سكر دون شاي، ومع ذلك جلس في المقعد الصغير وأخبرني أنه كان لذيذاً، وبدا مرتاحاً جداً.
عندما كنت ألهو بلعبة البيت كنت أعطي الدمية الأم مهمات كثيرة، ولم أكن أعرف ماذا أوكل من الأعمال للدمية الأب، لذلك كنت أجعله يقول: إنني ذاهب للعمل الآن، ثم أقذف به تحت السرير!
وذات صباح، عندما كنت في التاسعة من عمري لم ينهض أبي ليذهب الى العمل، ذهب إلى المستشفى ووافته المنية في اليوم التالي.
ذهبت إلى حجرتي وتلمست تحت السرير بحثاً عن الدمية الأب، وحين وجدته نفضت عنه الغبار ووضعته على الفراش.
لم أكن أتصور أن ذهابه سيؤلمني الى هذا الحد، لكن ذهابه لا يزال يؤلمني جدا حتى الآن وافتقده.