أدركنا أن الوضوح الشديد شيء سيء ؛ وأن الغموض مطلوب ؛ وأن الابتسامة لها أكثر من معنى ؛ وأن بعض الوجوه من حولنا ترتدي أكثر من قناع ؛ وأن مواقف بسيطة قد تجعلنا نعيد ترتيب الأشخاص من جديد 🤍.
المواقف التي خشيت فيها انكشاف ضعفي و انفضاح دمعي و انكسار قلبي و إشفاقي على نفسي و غلبة الحياة على جهدي و تلون وجهي من كلمة جارحة و مكابرتي حين الوجع و صمتي من أن يساء إلي أكثر و عجزي عن دفاعي و هواني كلها مواقف تحفر في عمق الروح و لا تنسى ..
من زمان كنت بسمع الحكمة اللّي بتقول " الشكوى لغير الله مذلة " وكنت حاسس اني فاهمها كويس .. لحد ما حصل ٣ مواقف ، بعدها لقيت كلام كتير بيدور في عقلي وعرفت اني ماكنتش فاهمها بشكل كامل ولا شايفها بالشرح دة وسألت نفسي .. هو أنا ازاي ماكنتش فاهم الجُملة دي بالتفصيل دة !!
الموقف الأول : شخص ما حاول يتقربلي وكان عايز اننا نكون أصحاب ، فكان كتير بيتكلم معايا وبيحاول دايماً يسألني عن أحوالي ونفسيتي وانا ماكنتش بحاول أحكي بشكل كامل ، لحد ما ابتديت أحكي ، وفي الوقت دة تحديداً ماكنتش عارف أفوق من مصيبتين حصلوا عندي شقلبوا حياتي تماماً ودمروها لحد النهاردة ، ودي تقريباً كانت بدايات الاكتئاب والانهيار بالنسبالي ، ف لما لقيت عنده اصرار يعرف ..حكيتله .
ودي كانت غلطة كبيرة فهمتها بعدين .
وبطبيعة الحال الشخص لما بيكون واقع في دايرة الاكتئاب والحزن مابيكونش شايف غيرهم ولا عارف يعيش برّاهم وبيكونوا مسيطرين عليه وعلى حياته تماماً .. ف غصب عني كنت بكون حزين جداً ولما حد بيسألني عن أحوالي كنت بقول ��نا حاسس بإيه بكل صدق .
لحد ما جه وقت وحصل خلاف بيني وبين الشخص دة وفجأة لقيته بيعايرني ويذلني بمشاكلي واني شكّاي وبحكي عن مصايب حياتي طول الوقت .
وقتها .. رجعت خطوتين لورا وحسيت اني أخدت قلم على وشي واجعني وعلامته على وشي وقولت لازم أتعلم من غلطاتي وابتديت أشُك في نفسي وأسأل الناس اللي حواليا .. هو انا شكّاي ؟؟ وابتديت من بعدها أقلل الكلام وأسكت أكتر وماحكيش .
وابتديت أفهم وأتعلم اني ماينفعش أكون صادق وشفاف دايماً مع الناس ، وان فيه أبواب لازم تفضل مقفوله واننا نعلّق زينة برة الباب .. بس ماحدش يعرف ايه اللي بيحصل في الناحية التانية منه .
……
الموقف التاني : خليني أقول بس الأول ان فيه طبع بشري أنا مابحبوش نهائي وبيستفزني ، اني أكون بتكلم مع شخص والاقيه تجاوز كلامي كأني مابتكلمش ويحكي عن نفسه ومواقف في حياته شبه اللي عندي بدون ما ينتبه أنا بقول ايه أو يقدّر مشاعري ويسمعني كويس، ودة للأسف لقيته في كذا شخص حواليا ونفس الموقف اتكرر معايا كتير مع أكتر من شخص .
شخص قريب مني جداً كان شايفني وأنا عيّان جداً ، فكان بيسألني عن حالتي الصحية ، فلما جيت أشرحله أنا حاسس بإيه ، لقيته نط من فوق كلامي كأني "مطَب" ومادانيش فرصة حتى أتكلم وحكالي عن نفسه لمّا كان مريض والاعراض اللي كانت عنده ، وقتها حسيت بإحساس وحش جداً وكأني مش انسان وعندي مشاعر ومن حقي أشرحها وأعبّر عنها ، فغضبت وفضلت ساكت .
ودي للأسف ماكنتش أول مرة يعمل معايا كدة ، ودي تاني مرة تخيلني أفكر كويس قبل ما أحكي أي شيء لأي حد .
…..
الموقف التالت : كان حوار بيننا عن موقف حصل وبعدها قلب هزار بيني وبين واحد صاحبي ، هو أكبر مني بسنتين ف هو بيقول احنا خلاص كبرنا ، ف بهزار بقوله : اتكلم عن نفسك احنا لسه ، لقيته بيقولي دا انت عندك شعر أبيض أكتر مني وشكلك أكبر مني " ودة ماضايقنيش بالمناسبة خالص " اللي ضايقني لما قالي : دا انت كل شوية تقول ضهري واجعني وايدي واجعاني وعيّان " وانا فعلا ليّا فترة بخرج من تعب وأدخل في تعب تاني ، فكان طبيعي ان حد يشوفني تعبان أو لما يسألني أقوله اني بعاني من كذا "
وكمّل كلامه وبيقولي : انت علطول تشتكي وان كُتر الشكوى يجيب الفقر وكلام من النوعية دي .
وقتها وفي وسط الهزار عقلي ماكانتش مستوعب هل دة لسه هزار ولا دة كلام جوّاه وخرج وقت الهزار ، وبرغم اني عارف انه مش قصده وبيهزر بس حسيت الكلام كان جواه وخرج بعفوية .
الغريب في الموضوع ان صاحبي دة كان شكّاي جداً جداً ومفيش مرة كنت بشوفه أو بسأله عن أحواله إلا ودايما يقولي انه عيان أو عنده مشكلة كذا أو متخانق مع أهله أو مراته أو مشاكل في الشغل أو انه مخنوق في المُطلق لدرجة خليتني قولتله : يابني بطّل شكوى شوية واحمد ربنا على النعم اللي في حياتك ، الناس كدة هتضايق منك وهتكره قعدتك وهتحس انك ناقم وبتنكد عليهم كل ما تشوفهم ، ودة حرفياً كان قصدي وقولتله اني جنبه ودايما هكون موجود عشان أسمعه وأحل معاه مشاكله ، وماكانش قصدي نهائي اني أضايقه أو أعايره بمشاكله أو حتى اني أقوله ماتتكلمش ، لكن حبيت أخليه يشوفه نِعم ربنا في حياته وانه لازم زي ما بيفتكر يشكي يفتكر يحمد ربنا ، واني كصديق كان واجبي أخليه ينتبه ان اصحابنا فعلا ابتدوا يحسوا انه شكاي وبيتشكي في كل قعده بلا توقف ، وعشان صاحبي وانا بحبه ماكنتش عايز الناس تتضايق منه أو تكره القعده معاه .
ف كنت مستغرب اني أسمع نفس الكلام سواء بهزار أو بجد .
وبرغم اني اصلا بقيت قليل لما بتكلم عن حاجة مضايقاني ، فتخيلوا كمان بقيت مش عارف أقول اني عيّان أو موجوع !!
من بعدها فهمت معنى انك تفكر كويس قبل ما تحكي حاجة أو ان قليل لما تلاقي حد تشكيله من شيء بدون ما تكون خايف انه يذلّك بمشاكلك أو تيجي فرصة والكلام يتردلك بشكل تاني في موقف تاني .
ف حرفياً الشكوى لغير الله مذلّة ، ربنا وحده هو اللي بيسمعك وبيحس بيك في كل وقت وبدون استئذان وحاسس بيك وشايفك بدون ما تتكلم حتى ، وهو اللي بيقبلك بكل عيوبك وبكل الهموم اللي على كتافك وبكل العبء والتُقل اللي شايله في قلبك ، وبابه دايما مفتوح .
المواقف دي حرفياً بتخليني أنتبه لحاجات ماكنتش واخد بالي منها ، واني لازم أعيد حساباتي كل فترة وأتعلم من كل شيء حواليا وأربّي نفسي من أول وجديد .
فيه كمية فخر غير مبرر بالشخص المتزوج من اكتر من واحدة وكأن دة إثبات رجولة
ولما سألت واحد انت ليه متجوز اتنين قالى "عشان انا عايش فى شرم" ( وكأن دة سبب يديله الحق فى الجواز التانى)
طيب هى الأولى تعرف فكان الرد "ايوة طبعا تعرف"
و بكل بجاحة وفخر مع إبتسامة لزجة منه ومن كل الى قاعدين وهو بيقول "مانا قولتلها بدل ما كل يوم حد يقولك انه شافنى مع واحدة شكل فى شرم فأنا هتجوز واحدة بس هناك و أخونك مع واحدة فى الحلال أحسن ما أخونك كل يوم مع واحدة فى الحرام"
الذكور بيدوا لنفسهم حق فى الخيانة و الجواز وكأن دة حاجة طبيعية
ولما الشخص دة مشى حد قال مراته الاولانية دى (انا كنت مستنى يقول صعبت عليا مثلا) قال "دى بنت فاهمة وناصحة ومش عايزة تخرب بيتها"
ولما اعترضت وقولت دى الله يكون فى عونها جرب حط نفسك مكانها وحاول تحس بإحساسها وشعورها والمعاناة الى هى هتكون عايشة فيها قوبلت طبعا بالتريقة و الضحك و انت حنين أوى
بالرغم ان الموضوع ملوش علاقة بالحنية على قد ما دة شعور إنسانى بحت الغالبية العظمى مفتقداة