Tumgik
#محمد المنجد
c002a7134 · 10 days
Text
youtube
✿ ما حكم قول : لا حول الله ؟
الشيخ محمد صالح ‎المنجد
↪ https://youtu.be/6j2tBicbjX8
3 notes · View notes
loyalty-0 · 9 months
Text
Tumblr media
172 notes · View notes
braa2-hamish · 2 years
Text
الكسوفُ الجزئيُّ للشمسِ: لا تنسُوا صلاةَ الكسوفِ والفزعِ إلَى ذِكرِ اللهِ والاستغفارِ والتوبةِ.
Tumblr media
---
Tumblr media
---
Tumblr media
17 notes · View notes
abumuhamd · 8 months
Text
ماذا قال ابن عثيمين رحمه الله عندما ساله المنجد في مرض موته من نسال بعدك
4 notes · View notes
sarrah · 1 year
Text
Tumblr media
—محمد بن صالح المنجد
234 notes · View notes
mi3raj · 1 year
Text
Tumblr media
مـحرابُ الدّعـاء
لمّا كانت مريم تتعبّد ربها وتقوم على خدمة بيته، كان كافلُها زكريّا عليه السلام -وقيل هو زوج أختها أو خالتها- يتفقّدها عنايةً بها ورعايةً لها؛ فكلما دخل عليها المحراب رأى عندها رزقًا عجيبًا ، من ثمارٍ ليست في أوانها، قيل كانت تُرزَق فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف، قال تعالى:
﴿فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَها نَباتًا حَسَنًا وَكَفَّلَها زَكَرِيّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيها زَكَرِيَّا المِحرابَ وَجَدَ عِندَها رِزقًا قالَ يا مَريَمُ أَنّى لَكِ هذا قالَت هُوَ مِن عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرزُقُ مَن يَشاءُ بِغَيرِ حِسابٍ﴾ [آل عمران: ٣٧]
ولمّا عاينَ زكريّا عليه السلام فضل الله تعالى وسعة رزقه الذي يخرقُ حساباتِ البشر وتقديراتهم، طمعت نفسه في سؤال الله تعالى الولد مع كبر سنه وكون امرأته عاقر :
﴿هُنالِكَ دَعا زَكَرِيّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَب لي مِن لَدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَميعُ الدُّعاءِ﴾ [آل عمران: ٣٨]
وقوله تعالى: (هنالك) يشير إلى سرعة المبادرة بالدعاء فورَ ما رأى رزقَ الله عز وجل لمريم، فقد سأل الله تعالى في ذاتِ المكان قبل أن يخرج منه وهو المحراب، كما ذكر ذلك ابن عاشور -رحمه الله-.
ويفيد المسلم من هذا، أنه حين يرى الرزق عند غيره، فليبادر بالدعاء ويتجه إلى من بيده الأرزاق ويطمع في عطائه سبحانه، ويكون صدره سليمًا على إخوانه لا يحسدهم ولا تكون عينه ممدودةً على أرزاقهم، ولا يتمنّى زوال النعمة عنهم، أو يشترط الحصول على ذات الرزق الذي عندهم، فزكريّا لم يسأل الله تعالى من جنس رزق مريم، ولكنه سأل الله تعالى نوعًا آخر من الرزق.
وتطلّع الإنسان إلى رزق غيره وتحسّره على فواته عنه بحيث يسري في قلبه الحسد والهمّ ، داءٌ من أدواء القلوب ، لا بد أن يُداوى بالرضا والتسليم لقضاء الله تعالى وقدره ، قال تعالى: (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَات)
"وهذا القسم وهذا الرفع من الله -تعالى-، ولذلك كان من علاج الحسد أن يلتفت الحاسد إلى هذه العقيدة، وأن يعتني بها، وأن يرضى بما قسم الله -تعالى- وقدر، هذا مع سعيه في الأخذ بالأسباب التي تنفعه وترفعه وتجعله يحصل على ما يريد بما يرضي الله تعالى." [١]
وأعظم هذه الأسباب وأقواها : لزومُ محرابِ الدعاء .
———
[١] الشيخ محمد المنجد-خطبة: لا يخلو جسدٌ من حسد
124 notes · View notes
leen--20 · 3 months
Text
لقيت بعض سلاسل حبيت اشاركها معكم لعل و عسى حد منكم يستفيد ،،،،
عاليوتيوب منصة (خطوة) سلسلة ( هندسة القيم ) للدكتور صالح الدقلة و ياسر الحزيمي ، قد ما أقول عنها روعة قليلة بحقها ....
سلسلة المرأة للدكتور إياد القنيبي
حقيبة الجيل الصاعد ل أحمد السيد
سلسلة أعمال القلوب ل محمد صالح المنجد
9 notes · View notes
arourasblog · 7 months
Text
Tumblr media Tumblr media
"كثرة الوقوع في المعصية يؤدي إلى تحولها عادة مألوفة، ثم يزول قبحها من القلب تدريجيًا حتى يقع العاصي في المجاهرة بها ويدخل في حديث: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملًا ثم يصبح وقد ستره ﷲ فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر ﷲ عنه»".
*محمد المنجد
11 notes · View notes
noor-01 · 1 month
Text
Tumblr media
١٠٠ دعاء من الكتاب والسنة الصحيحة - محمد صالح المنجد
كتاب مفيد يمكنك قراءته في أقل من ١٠ دقائق ، ويمكن أيضا قراءته بعد كل صلاة وفي الأوقات الفاضلة
3 notes · View notes
abrarramadan · 4 months
Text
وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ | أحمد النفيس - SoundCloud
Listen to وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ | أحمد النفيس by Mahitab Alaa on #SoundCloud
6 notes · View notes
c002a7134 · 3 months
Text
✿ حكم المسح على الجورب الذي لا يغطي الكعبين
الشيخ محمد صالح ‎المنجد
↪ https://www.youtube.com/shorts/3g1kTM0Eymw
3 notes · View notes
loyalty-0 · 11 months
Text
Tumblr media
44 notes · View notes
braa2-hamish · 2 years
Note
أستاذ براء ممكن سؤال فضولي قليلاً: بما أنه أكثر العلماء المشهورين اليوم تعترض عليهم، عن من تأخذ علمك؟
قواعدُ عامةٌ:
-مِن القرآنِ وصحيح السُّنّة. المصدرُ الأساسيّ. -مِنَ الأصولِ عندَ جمهورِ علماءِ السلفِ. -مِن المجاهدِين المعاصرينَ خاصةً وأنهُم ليسُوا تحتَ ضغطِ الحكوماتٍ والمواثيقِ الدوليّة. -مِن العلماءِ المشهورينَ أنفسِهم. إذْ أنّ وجودَ الاعتراضِ لَا يعنِي رفضَ عِلمِهم ومادتِهم بالكُليّة. -الحذرُ مِن الأقوالِ الشاذّة والجديدةِ (المبتدِعة)، والحذرُ مِن العالِمِ فِي بعضِ المسائلِ إذا كانَ مخطِئًا فيهَا وانتُقِد عليهَا. لذلِك التحذيرُ مِن ضلالِ الشيوخِ أمرٌ مُهمٌّ. فهذَا مثلًا أشعريّ صوفيّ ستجدُ له كلامًا أشعريًّا صوفيًّا؛ احذَر وتيقظ. -الحذرُ مِن عِلمِ الكلامِ وأهلِ الكلامِ والفِرقِ الكلاميَّةِ، والعملُ بالكتابِ والسُّنّة بفهمِ سلفِ الأُمّة والإجماعِ. قبل ظهورِ الفِرق الكلاميّة. (علم الكلام ممكن نقول تجاوزًا "أهل الفلسفة بعقولهم (بأهوائهم) في الدين) -الاستماعُ لجميعِ مِنِ انتسبَ واعتزَّ بالكتابِ والسُّنّة ونقلَ منهمَا.. مِن الصحيحِ.. معَ الحذرِ في مسائلِ العقيدةِ والجهادِ والسياسةِ؛ فالتحيُزُ قويٌّ للميولِ السياسية والجماعية. -القرآن والسُّنّة بإدراكِ الفِطرَة بعيدًا عنِ التأويلاتِ التِي تخدمُ أراءً سياسيّة أو فكريّة معينةٍ. مثلُ الذين يرون أنّه لا تعارُض بين الأصلِ القِرديّ للإنسانِ وبين دينِ الإسلامِ؛ فيحاولون تأويل الإسلامِ على هواهم. فأبسط المسلمينَ يعلمون أن آدمَ خُلق من طينٍ وليس من تطورٍ عن سلفٍ مشتركٍ مع القرودِ. فمهمَا ألّف الشخصُ من مؤلفاتٍ ومهما بلغَ مِن العلمِ مبلغًا يظلُّ محطَّ سُخريةً لمّا يأتِي بالجديدِ الشاذِّ المنافِي لفَهمِ الفِطرةِ السويّة. -هُناك أشياءُ تُدرَك بالبداهةِ وبالضرورةِ من خلالِ اطلاعٍ بسيطٍ على القرآنِ والسُّنَّة. -عدمُ البدءِ بمُقدماتٍ أحاولُ إثباتَها.. بل يُنظر في الكتابِ والسُّنّة أولًا ويكونُ هوَ رأيَنا.. لا أن نقصقص الأدلةَ حسبَ ما نحاولُ إثباتَه. -تنفُر نفسِي مِن حالقِي اللحيةِ ومخففيها (لأنّهم لم يستحوا من التقصيرِ في سُنّة شِبه مُجمع على وجوبِها) وأصحابِ الطرحِ الكيوت العاطفيّ. -ثقتِي في العالِم تكونُ على حسبِ درجةِ إنكارِه للمُنكَر.. يعنِي هل ينكرُ على الحُكّام مثلا ويُنكر على المؤسسات الدينية الفاسدة ويُنكرُ على الشعوبِ ضلالَهم وتيههم في قضايَا الأُمّة وقضايَا التوحيدِ والجهادِ؟ أم أنّه يمشِي في دعوتِه سليمًا على الرصيفِ بجانبِ الحائطِ؟ -أحترمُ العالمَ بصفتِه عالم ما لم يخرُج عنْ دائرةِ أهلِ السُّنّة والجماعةِ بقولٍ أو فِعلٍ فاسدٍ يخرجُه من تلك الدائرةِ. وليسَ كل فعل أو قولٍ فاسدٍ يُخرجُ من تلكَ الدائرةِ. وليس الاحترامُ لمقدار العِلم أو الشُّهرةِ أو المؤلفاتِ؛ فهذا سرابٌ. ولا احترامٌ لأهلِ البِدعِ.
. . . بشكلٍ عامٍ فالشيوخُ والدعاةُ عليهم علاماتُ است��هامٍ في موقفِهم السياسيِّ.. وتقريبًا كلُّ المشهورينَ هُم إمّا: -ناصرُوا الطواغيتَ صراحةً. -داهنُوا وراوغُوا ولمْ يناصرُوا. ولم ينكرُوا صراحةً أيضًا. -منهُم مَن دافعَ عنِ الطواغيتِ.. بعضُهم دافعَ بقوةٍ وبعضُهم تملقَ فِي مسألةٍ ما دفاعًا عنْ طاغوتٍ ما. -بعضُهم اكتفَى بالتلميحِ في انتقادِ الطواغيتِ والنظامِ.. حفاظًا على دعوتِهم وعلى مالِهم وأهلِهم وأنفسِهم. -بعضُهم سُجن وربّما أُعدِمَ أوْ سيُعدَمُ بسببِ كلمةِ حقٍّ. أوْ هوَ مطارَد أو مُضيّقٌ عليهِ أو هوَ في ساحاتِ الجهادِ. (وغالبًا الوصول لإنتاجِه العلميّ يكون صعبًا أو هو نفسه لمْ يُنتج بغزارة بسبب ظروفِ حياتِه) -بعضُهم لا يشغلُ بالهُ قضايَا الأمّة الكبرَى ولا يؤيد ولا يعارض، ربمَا يكونُ همُّه مثلًا أنّ الشبابَ يُصلّي ويغضُّوا بصرَهم. (غالبا الدعاة الكيوت) (وكل هؤلاء الأصناف أستفيدُ منهُم)
سأذكرُ قائمةً منَ المعاصرينَ أو القريبين من زماننا المشهورين على الساحةِ غيرِ المغمورين ولا المجهولين، ممن استفدتُّ منهُم وأثرُوا فيّ ولو قليلًا.
محمد بن شمس الدين. (وأنصحُ به بشدةٍ ليسَ لأنّ الأحسنُ والأفضل بنسبة 100% ولكِن بالمُقارنة بغيرِه على الساحةِ فأراهُ جميلًا رائعًا أستبشرُ منه الخيرَ مع تحفظي على بعضِ النقاطِ)
ابن عثيمين.
ابن باز.
أبو إسحاق الحويني. (شرحُ الحديثِ)
محمد صالح المنجد. (أنصح به بقوة)
إياد القنيبي.
أبو عمر الباحث.
أحمد سبيع.
سامي العامري.
سعيد الكملي.
سفر الحوالي.
عبد الرحمن البراك.
عبد الرحمن دمشقية.
عبد العزيز الطريفي.
عبد العزيز آل الشيخ.
علي الخضير.
عثمان الخميس.
مصطفى العدوي.
منقذ السقار.
هيثم طلعت.
محمد ناصر الألباني.
محمد بن عبد الوهاب. (يُنصح بِه وبشدة).
سليمان العلوان.
وغيرهم. منهم جهاديون مَن بينُوا لنا حُكم الحُكّام العرب وجيوشهم ودساتيرهم والمشرعين لهذه الدساتير والديمقراطية والوطنية والمشاركين في الانتخابات وحكم الكفار وديار الكُفر.
كُتب قليلةٌ ومواقعُ على الإنترنت. كالإسلامِ سؤال وجواب.
. . . كما ذكرتُ هُناك تحفظاتٌ واعتراضاتٌ. والأصلُ هوَ القرآنُ والسُّنَّة. وبعضُهم لم آخذْ منه بشكلٍ عامٍ.. بل في بعض المسائلِ وبعضِ العلومِ. إمّا أنّهم ليس لديهم طرحٌ عامٌ.. أو أنّ طرحَهم العامَ لا يقنعُني بل أرفضُه. وغالبًا هُناك مَن نسيتُه. بل ليس غالبًا هذَا أكيدٌ. منهُم شيوخٌ جهاديون لمْ أذكُر واحدًا منهُم.
وكقاعدةٍ ذهبيةٍ:
مَن أخطأَ فِي شيءٍ لمْ يُخطئْ فِي كُلٍّ شيءٍ ومَن أصابَ فِي شيءٍ لمْ يُصِبْ فِي كُلٍّ شيءٍ.
-----------------------------------------------------------
ولديّ اعترافٌ صغيرٌ بالنهايةِ للأمانةِ: أنَا قصّاص. أقصُّ علمِي مِن هُنا ومِن هُناك يعنِي لمْ أتلقَ العلمَ بشكلٍ منهجيٍّ في أكاديميةٍ أوْ على يدِ شيخٍ.
15 notes · View notes
sarrah · 1 year
Text
Tumblr media
—محمد بن صالح المنجد
21 notes · View notes
almouhadjira · 1 year
Photo
Tumblr media
البدر يذكرنا برؤية الله حقيقة يوم القيامة بالتنوير للمؤمن في قبره كالقمر ليلة البدر بفضل العالم كفضل القمر ليلة البدر بأول زمرة يدخلون الجنة
محمد صالح المنجد
17 notes · View notes
tadkiraimania · 2 years
Text
Tumblr media Tumblr media
ودعنا رمضان؟
منذ أيام خلت ودعنا رمضان: الشهر المبارك، شهر الصيام و القيام، شهر القرآن و تجديد الإيمان، شهر النفحات الرَّبانية و الإشراقات النورانية؛ حيث تعتدل طبائع النّاس و عاداتهم و يرتقي السلوك البشريُ و تزولُ الضغائن و يتقاربُ البعداءُ و تزيدُ حركةُ الإحسانِ و ينشطُ أهلُ الخيرِ في أعمالِ البرِ على كلِّ صعيد.
ودعنا رمضان بألم دفين على فراقه، و قد مرت أيامه بسرعة عجيبة كأنها حلم ولد ثم اختفى! و لكن النفس تأبى أن تودع رمضان بعد أن ملأ القلب بحلاوة الإيمان!
النفس تأبى توديع رمضان و تقول:
لم ينته الصوم و لن ينتهي ..
لم يرحل القرآن و لن يرحل ..
لم يرحل القيام و لن يرحل ..
لم يرحل الذكر و لن يرحل ..
لم ترحل الصدقات و لن ترحل ..
لم يرحل الحب و لن يرحل ..
لم يرحل القلب الطيب و لن يرحل ..
لم يرحل اللين و الرفق و لن يرحل ..
لم ترحل دعواتنا و لم تتوقف استجابة الله لدعواتنا و لن تتوقف ..
لم يقف الأجر و لن يقف ..
لن نودّع رمضان بل نصحبه، و نصطحب معنا -لباقي العام- حلاوة الإيمان التي ذقنا طعمها في رمضان.
لم يكن رمضان موسما إنما كان منهج أخلاق و أسلوب حياة. كان مدرسة ربانية تغرس في الروح قيما سلوكية و إيمانية و تعبدية.
رمضان كان الولادة التي سنعيش عليها لبقية العام.
لنفسح لرمضان الطريق و نمنحه المجال ليحيا معنا و بنا طوال العام.
إن كانت أيامه المعدودات قد انتهت بما فيها من إعداد، فإن أيام العطاء قادمة و وقت المنح آت في الطريق! قال الله عز و جل: { وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } [الحجر:99].
Tumblr media
لباس التقوى
يقول الله تبارك و تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، ففي هذه الآية الكريمة يتضح بجلاء و وضوح أن غاية صيام رمضان الكبرى التقوى، فالتقوى هي شهادة التخرج من مدرسة رمضان! و هي لباس يجب علينا أن نرتديه طوال حياتنا، و من لوازم التقوى المجاهدة على فعل الخير و ترك الشر.
يقول الله تبارك و تعالى: { يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشًا ۖ وَ لِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } [الأعراف:26]، فذكر الله تعالى نوعين من اللباس نوع ظاهر و نوع باطن، أو نوع حسي و نوع معنوي، و ذكر أن الحسي قسمان: قسم ضروري توارى به العورة، و قسم كمالي وهو الريش لباس الزينة، و الله سبحانه و تعالى من حكمته جعل بني آدم محتاجين للباس لمواراة السوءة، يعني لتغطية السوءة حتى يتفطن الإنسان أنه كما أنه محتاج للباس يواري سوءته الحسية، فهو محتاج للباس يواري سوءته المعنوية و هي المعاصي، و هذا من حكمة الله سبحانه و تعالى (الشيخ محمد بن صالح العثيمين- كتاب شرح رياض الصالحين).
و الدين في الإسلام شامل لتصديق القلب و اعتقاد القلب: تسليم القلب و قول القلب و عمل القلب، و قول اللسان و عمل الجوارح.
قال الشافعي رحمه الله: "كان الإجماع من الصحابة، و التابعين من بعدهم، و من أدركناهم، يقولون: إن الإيمان قول و عمل و نية، لا يجزئ واحد من الثلاثة عن الآخر" (شرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي) فالعمل الظاهر لا ينفع صاحبه إن لم يكن معه عمل قلبي، و العمل القلبي لا يكفي بلا عمل ظاهر.
و قد امتن الله تعالى علينا بنعمة الإسلام: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } [سورة المائدة:3]، جعله شرائع ظاهرة و باطنة، دين كامل لا يمكن الاستغناء بجزء منه عن الآخر، { ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً } [سورة البقرة:208]، في جميع عرى الإيمان.
و الإيمان لباسه التقوى، و زينته الحياء، و ماله الفقه، الإسلام عقيدة جوهرها التوحيد، و عبادة جوهرها الإخلاص، و معاملة جوهرها الصدق، و خلق جوهره الرحمة، و تشريع جوهره العدل، و عمل جوهره الإتقان، و أدب جوهره حسن المعاملة، و علاقة جوهرها الأخوة، فمن ضيع هذه فقد ضيع جوهر الإسلام (الشيخ محمد صالح المنجد- محاضرة دينية صوتية).
أنواع الناس في التدين
قد يوجد من يأخذ الدين جزءاً، و يعمل به جانباً، فمنهم من يتدين بعاطفة، و منهم من يتدين بظاهر و شكل، و منهم من يتدين تديناً قلبياً بزعمه، و منهم من يستغل الدين للوصول إلى مآرب و مصالح خاصة.
فبعض الناس التدين عندهم جانب معرفي، أنه يعرف، يقول: أنا أعرف الله، أنا أعرف الدين، أنا أعرف الأحكام فقط، أنا مقتنع بعقلي، و ربما لا يمارس شيئاً من الدين، و المعرض عن دين الله بالكلية لا يقوم بعمل أبدا، هذا يقول عنه العلماء: صاحب كفر!
و بعضهم يزعمون أن التدين يكون له نصيب منه في شيء من عمل القلب، و لكن لا يظهر بعد ذلك في سلوكه، و لا في حياته اليومية.
جاء عن عمر رضي الله عنه أنه قال على المنبر: "إن أخوف ما أخاف عليكم المنافق العليم. قالوا : كيف يكون المنافق عليماً؟ قال: يتكلم بالحكمة، و يعمل بالجور، أو قال: بالمنكر"، (أخرجه المروزي في تعظيم قدر الصلاة عن عمر).
و لذلك قال الحسن البصري رحمه الله: "العلم علمان: فعلم على اللسان، فذلك حجة الله على ابن آدم، و علم في القلب، فذلك العلم النافع" (سنن الدرامي).
فالعلم النافع هو الذي يورث خشية الله، و تعظيم الله، و محبة الله؛ لأن القلب متى خشع خشعت بقية الجوارح؛ لأنها تابعة له، و النبي ﷺ كان يقول: ( اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ( [رواه مسلم]، فبعض الناس عنده معلومات عن الدين، لكن ماذا لديهم من الرصيد العملي؟
ظاهرة التدين الشكلي
هنالك من الناس من عنده بعض العبادات، فتراه يصلي، و يحج، ويعتمر، و يصوم، و هذه لديها حجاب جيد، مستمسكة به، و هذا عنده سمت إسلامي، و مظهر موافق للسنة، لكن إذا بحثت عن الخوف من الله، محبة الله، رجاء الله، التوكل على الله، الحياء من الله، الصدق مع الله، الإنابة إلى الله، الخضوع، التذلل، التوبة، الذل للرب، الانكسار له، تجد أن هذه المعاني ضعيفة، و لذلك لا يعتبر هذا الشخص قد أراح ضميره و قام بما عليه بأداء هذه الأشياء، و إن كانت من الدين ومن السنة، لكنها ليست هي الإسلام، ففي الحديث: ( بني الإسلام على خمس ) [ رواه مسلم]، فالأركان الخمسة هذه أعمدة الدين، لكن فوقها بناء: الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر، و بر الوالدين، و الإحسان إلى الجار، و صلة الرحم، و الأمانة، و هكذا، فإذا كان عندك أعمدة بلا بناء فوقها فما الذي يظلك؟
لقد أصبحت ظاهرة التدين الشكلي، و ممارسة بعض العبادات، و ربما في رمضان يوجد شيء من الاجتهاد، و ذهاب إلى مكة، و لكن بقية السنة فيها تقصير كبير، جوهر الدين و ترجمة هذا الإسلام إلى سلوك في الحياة يوجد فيه نقص يجب تكميله، و المحافظة على الأركان في غاية الأهمية، و المعاملة للخلق لا بد أن تكمل المعاملة مع الخالق.
و تجد عند الناس في هذا إفراط وتفريط: فمنهم من يعامل الخالق في بيته معاملة حسنة، لكن إذا خرج إلى الخلق عاملهم معاملة سيئة. و منهم من يتعامل مع الناس معاملة حسنة، لكنه في غاية السوء في معاملته مع ربه؛ لأنه مضيع { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ } [سورة مريم:59].
التدين بما يوافق هوى النفس
إن بعض الطبائع عند المتدينين عجيبة تلتزم بأمور من الدين، و تعرض عن أمور، فربما من جهة إعفاء اللحية لا توجد مقاومة هوى، فهو مستعد أن يقوم بذلك، و لكن في قضايا تتعلق بالنظرة المحرمة غير مستعد للقيام بذلك، التورع عن الخمر عند بعض الناس يمنعه من شرب الخمر، لكن في قضية أكل أموال الناس لا يتورع عن ذلك، يتورع عن شيء و لا يتورع عن آخر، و الدين جاء بمنع هذا و منع ذاك، فلماذا فرقت بينهما؟ لأن هذا ليس مخالفاً لهواك، أنت ما عندك مانع أن تمتثل بالأول، لكن الثاني مخالف لهواك، و لذلك لا تمتثل بالنهي الذي ورد فيه.
قال ابن القيم رحمه الله: "و لهذا تجد الرجل يتورع عن القطرة من الخمر، أو من استناده إلى وسادة حرير لحظة واحدة، و لكنه يطلق لسانه في الغيبة و النميمة في أعراض الخلق، كما يحكى أن رجلاً خلا بامرأة أجنبية، فلما أراد مواقعتها، قال: يا هذه غطي وجهك، فإن النظر إلى وجه الأجنبية حرام" (كتاب عدة الصابرين و ذخيرة الشاكرين).
قال ابن الجوزي رحمه الله: 'فإن الإنسان لو ضرب بالسياط ما أفطر في رمضان عادة قد استمرت، و يأخذ أعراض الناس و أموالهم عادة غالبة" (كتاب صيد الخاطر).
فأين هؤلاء من قوله تعالى: { وَ ذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَ بَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ } [سورة الأنعام:120]، فنهى الله عباده عن اقتراف الإثم الظاهر و الباطن، يعني في السر و العلانية، سواء متعلق بالقلب مثل سوء الظن، أو بالجوارح مثل الاعتداء و البغي.
صلاح الظاهر يكمل بصلاح الباطن
ليس الحل هو حذف مظاهر التدين لتفادي الوقوع في حالة النفاق و الازدواجية، لنكون واضحين و صريحين أمام الناس يجب أن نلغي مظاهر التدين حتى لا نقع في الازدواجيات، و في الحقيقة إذا كان عند شخص ما خراب داخلي فأضاف إليه خراب الخارج فقد ازداد إثماً إلى إثم، و معصية إلى معصية، و لكن يجب أن يكمل صلاح الظاهر بصلاح الباطن، فوجود ظاهر حسن جميل يقود إلى مقاومة لتصحيح الداخل، و لذلك بقاء الظاهر الحسن، الجميل، الموافق للسنة يعين الإنسان على التغلب على داعي الهوى؛ لأن هنالك صراع سيعمل في النفس.
أنا أمام الناس ملتزم و في الحقيقة أفعل كذا وكذا، ما هو المطلوب؟ أن أتغلب على ضعف نفسي، حتى لا أكون منافقاً، و لا يكون عندي ازدواجية، و يكون ظاهري كباطني، يجب أن أعدل الباطن، و ليس علي أن أعدل الظاهر؛ لأن تعديل الظاهر في هذه الحالة، أو إلغاء الظاهر هذا الذي يدل على استقامة، هو إثم على إثم، و سيئة على سيئة.
دلالة الظاهر على الباطن
قال الشاطبي: "و كذلك فقد جعلت الأعمال الظاهرة، في الشرع دليلاً على ما في الباطن، فإن كان الظاهر منخرماً حكم على الباطن بذلك، أو مستقيماً حكم على الباطن بذلك أيضاً" (كتاب الموافقات)، و لذلك فإن عمل الظاهر مهم جداً، و عمل الباطن كذلك.
فالأعمال الظاهرة من صلاة، و صوم، و حج، و شعائر ينمي بها العبد باطنه، تزكو نفسه بها، هذه العبادات لها أثر على الروح، هذه العبادات فيها تصحيح للعادات، سينهاه ما يقول، إذا كان يقوم الليل سينهاه القيام عن السرقة، و لذلك قال شيخ الإسلام: "الصراط المستقيم أمور باطنة في القلب من اعتقادات، و إرادات، و غير ذلك، و أمور ظاهرة من أقوال، و أفعال قد تكون عبادات، و قد تكون عادات في الطعام، و اللباس، و النكاح، و المسكن، و الاجتماع، و الافتراق، و السفر، و الإقامة" (كتاب اقتضاء الصراط المستقيم).
أما كلمة الدين في القلب التي يريدون بها التهرب من التكاليف الظاهرة، حتى لا يحاسبهم أحد عليها، ولو جئت تأمرهم بالمعروف و تنهاهم عن المنكر قال لك: الدين في القلب، يعني: هو لا يريد أن يأمر بالمعروف، و لا أن ينهى عن منكر، و لا أن يؤاخذ، و لا أن يحاسب، و لا أن يلام، و لا أن ينكر عليه، و لا أن يخطأ، فيقول الدين في القلب، حسنا لو كان الدين موجود في القلب، فأين الظاهر الذي يدل عليه؟ أين العمل الذي يدل على أنه هذا موجود عندك في القلب ؟
خطر التدين المصلحي
إن التدين المصلحي -إن صح التعبير- بقصد جمع المال عند بعض الناس خطر عظيم، و ربما يكون استُغل في قضية ترويج السلع، ففي حديث: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، و لا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، و لهم عذاب أليم، المنفق سلعته بالحلف الكاذب ) [أخرجه مسلم].
المنفق: المروج لسلعته بالحلف الكاذب، يتاجر باسم الله عز و جل، القسم و الحلف باسمه، هذا يشتري به و يبيع، فهذا جزاؤه عظيم يوم القيامة، كما جاء في الحديث الآخر: (عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ( ثلاثة لا يكلمهم الله و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم: أُشيمطٌ زانٍ، و عائل مستكبر، و رجل جعل الله بضاعته، لا يشتري إلا بيمينه، و لا يبيع إلا بيمينه ) [رواه الطبراني بسند صحيح]، استعمل الكلمة الدينية و الله العظيم، أقسم بالله العظيم، أقسم بآيات الله، استعملها ليروج سلعته، لينفق سلعته و هو كاذب.
و لقد حكى لنا التاريخ الإسلامي عن بعض الوعاظ الذين كانوا يبكون الناس، و في آخر الموعظة يقول: و أنا حالتي ضعيفة، و كذا كذا فتصدقوا علي.
و قال بعض السلف: السفلة الذين يأكلون بالدين، هؤلاء الأحبار و الرهبان، الذين قال الله عنهم: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَ الرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } [سورة التوبة:34]، و لذلك يجب صيانة الدين عن هذا.
الاهتمام بالباطن
قال النووي رحمه الله: "الأعمال الظاهرة لا يحصل بها التقوى، و إنما تحصل بما يقع في القلب من عظمة الله، و خشيته، و مراقبته (شرح النووي على مسلم) فالباطن أجل من الظاهر.
قال ابن الحاج في المدخل: "فمراعاة الباطن أوجب من مراعاة الظاهر؛ لأن الظاهر للخلق، و الباطن للخالق" (المدخل لابن الحاج) أي ظاهر؟ الظاهر الدنيوي، يعني: ظاهر المال، ظاهر الجمال، ظاهر الحسب، ظاهر النسب، ظاهر الوظيفة، ظاهر المنصب، و لذلك فإن النبي ﷺ لما مر عليه رجل، و قال لمن عنده (ما تقولون في هذا؟ -يعني يسأله عن رأيه في هذا- قال: هذا حري إن خطب أن ينكح، و إن شفع أن يشفع، و إن قال أن يسمع لقوله، و رجل آخر فقير مر عليه، ما تقولون في هذا؟، قال: حري إن خطب أن لا ينكح، و إن شفع أن لا يشفع، و إن قال أن لا يسمع، قال: هذا خير من ملء الأرض مثل هذا )[رواه البخاري]، إذاً الظاهر هذا المزيف، الظاهر الدنيوي يجب عدم الاغترار به.
و قد جاء عن النبي ﷺ أنه قال: ( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، و إنه لمن أهل النار ) [رواه البخاري]، لا بد من التدين الحقيقي، لا تدين النفاق، و لا العجب، و الغرور، و الكبر الذي يجعل الإنسان في آخر عمره يترك الدين، و يذهب إلى النار؛ لأن بعض الناس عندهم شعبة نفاق، أو غرور، و كبر، تظهر في آخر حياته.
و اختلاف السريرة و العلانية، اختلاف القلب و اللسان، اختلاف الخارج و الباطن، هذا كله مصيبة، خشوع النفاق أن ترى الجسد خاشع و القلب ليس بخاشع، و قد تقرر عند الصحابة أن النفاق هو اختلاف السر عن العلانية.
قال عثمان رضي الله عنه: "ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله عز و جل على صفحات وجهه، و فلتات لسانه" لأنه لا يتحمل مع الوقت الجمع بين المتناقضات، و الإنسان قد يخفي ما لا يرضاه الله، فيظهره الله و لو بعد حين (الشيخ محمد صالح المنجد- المرجع السابق).
Tumblr media
ماهية حلاوة الإيمان
إن للإيمان حلاوة و زينة و نعيماً و نوراً لا يدركها إلا من عايشها سلوكاً و منهجاً، فمن عاشها سيدرك أن للإيمان حلاوة تباشرها القلوب أكثر من مباشرة اللسان لحلاوة الطعام الحسية،.
لقد طبق بلال بن رباح رضي االله عنه حلاوة الإيمان تطبيقـاً عملياً حينما كان يعذب من قبل قريش بعد إعلان كلمة التوحيد و كان يعذ ب في رمضاء مكة حيث إنه سئل كيف صبرت يا بـلا ل؟ قـال : مزجـت حلاوة الإيمان بمرارة العذاب فطغت حلاوة الإيمان على مـرارة العـذاب فصبرت.
كما أن للإيمان زينة و حلة يرتديها المؤمنون، و لذا كان دعاء رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( اللهم زينا بزينة الإيمان، و اجعلنا هداة مهتدين )، و هذه الزينة إذا كست القلب بدت آثارها على الجسد و الجوارح، قال تعالى: { وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ } [الأعراف:26].
و مما لابد أن يعلم أن للقلب نعيماً مثل نعيم الأبدان، و هو الذي عبر عنه النبي صلى الله عليه و سلم بقوله؛ (و أسألك نعيماً لا ينفد و قرة عين لا تنقطع) [عمار بن ياسر-الألباني:صحيح الجامع]: ، قال الإمام ابن القيم في كتابه إغاثة اللهفان: "قوله: (و أسألك نعيماً) هذا نعيم الأبدان، ثم قال: (و قرة عين لا تنقطع)، هذا نعيم القلوب".
إن أجمل شيء يلقاه العبد في دار الدنيا هو لذة الأنس بالله عز و جل، و المعرفة بالله عز و جل، و الفرار منه إليه، و هو يقابل لذة النظر إلى وجه الله الكريم في الدار الآخرة، و لذلك يقول النبي صلى الله عليه و سلم في دعائه: ( و أسألك برد العيش بعد الموت، و أسألك الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة و لا فتنة مضلة، و أسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم ) [عمار بن ياسر- الألباني: إسناده صحيح] ، فجمع بين لذة الدنيا و لذة الآخرة، فوالله ما طابت الدنيا إلا بذكره، و ما طابت الآخرة إلا برؤيته.
يقول يحيى بن معاذ الرازي: من سر بخدمة الله عز و جل سرت بخدمته الأشياء، و من قرت عينه بالله عز و جل قرت به كل عين.
أسباب تحصيل حلاوة الإيمان
يقول الله تعالى: { فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ و لَا يَشْقَىٰ } [طه:123].
تكفل الله لمن التزم منهجه أن يمنحه الحياة السعيدة، و يؤمِّنه من الخوف و الجزعِ و الحزنِ في الدنيا ، و أن يمنحه العيشة المليئة بالسكينة و الاطمئنان. فالسعادة الحقيقية ليست في الغنى و رخاء العيش و وفرة النعيم الدنيوي، و إنما السعادة في السير على منهج الله تعالى. أما البعد عن منهج الله و التعلق بغير الله فيورث أهله القلق و الهم و الأمراض النفسية و العصبية.
قال ابن القيم رحمه الله: "الغموم و الهموم و الأحزان و الضيق، عقوباتٌ عاجلةٌ و نارٌ دنيويةٌ، و الإقبال على الله و الإنابة إليه، و الرضى به، و امتلاءُ القلب من محبتهِ، و اللهجُ بذكره، و الفرح و السرورُ بمعرفته ثوابٌ عاجلٌ و جنّةٌ و عَيشٌ لا نسبة لعيش الملوك البتَّةَ" (كتاب الوابل الصيب).
إن لذة العبادة و حلاوتها هي ما يجده المسلم من راحة النفس و سعادة القلب و انشراح الصدر، و سعة البال أثناء العبادة و عقب الانتهاء منها. و هذه اللذة و الحلاوة تتفاوت من شخص إلى شخص حسب قوة الإيمان و ضعفه، و هذه اللذة و الحلاوة تحصل بحصول أسبابها و تزول بزوال أسبابها.
و أهم الأسباب الجالبة لحلاوة الإيمان:
- الرضى بالله ربّاً و بالإسلام ديناً و بمحمدٍ رسولاً: روى الإمامُ مسلمٌ عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ( ذاق طعمَ الإيمان من رضي بالله ربّاً و بالإسلام ديناً و بمحمدٍ رسولاً )، أي لم يطلب غيرَ الله تعالى ، و لم يسع في غيرِ طريق الإسلام ، و لم يسلك إلاّ ما يوافق شريعة محمد [شرح النووي].
- حب الله و رسوله و الحب في الله و كراهية الكفر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثٌ من كنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله و رسوله أحبَّ إليه مما سواهما، و أنْ يحب المرء لا يُحبه إلا لله، و أن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يٌقذف في النار ) [متفق عليه: البخاري و مسلم].
فمحبة الله هي إيثار محبته على ما سواه بالتزام أمره و اجتناب نهيه، و محبة رسوله، و ثمة أسباب تجلب للقلب محبة الله عز و جل:
- إخلاص القصد لله في العبادة.
- تلاوة كلام ال��حمن و التدبر في معانيه.
- الإكثار من ذكر الله آناء الليل و النهار.
- المواظبة على الصلوات الخمس في بيوت الله و النوافل.
- تركُ فضولِ الطعام و الشرابِ و الكلامِ و النظر، لأن ذلك يؤدي إلى قسوةِ القلب فلا يشعر المؤمنُ بلذّة الطاعةِ.
- البعدُ عن الذنوب و المعاصي فالمعاصي تُقسِّي القلبَ و تحرُمُ العبدَ من لذة الطاعات و القربات.
- الإنفاق و بذل المال في مرضاة الله.
- ملازمة حلق العلم و مجالس الإيمان.
- مصاحبة الصالحين و البعد عن الفاسقين.
- الإحسان إلى الخلق و النصح لهم.
- الصبر و الاحتساب على الأقدار المؤلمة و الرضا بها.
و حب الرسول واجب على كل مؤمن و مؤمنة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده و ولده و الناس أجمعين ) [البخاري و مسلم]،فالصادق في حب النبي صلى الله عليه و سلم، هو من أطاعه و اقتدى به، و آثر ما يحبه الله و رسوله على هوى نفسه.
و الحب في الله تعالى من كمال محبة الله و ثمرتها المحبة في الله، فيحب المؤمن أخاه ابتغاء مرضاة الله لا يحبه لأجل نسب أو حسب أو مال أو دنيا، قال الرسول: ( إن الله يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ) [صحيح مسلم]، و قال الرسول: ( من سرّه أن يجد حلاوة الإيمان فليُحبّ المرء لا يُحبه إلا لله ) [أحمد و الحاكم و البغوي و إسناده حسن].
و كراهية الكفر و أهله تعني أن العبد المؤمن الذي يجد حلاوة لا إله إلا الله، يكره أن يستبدل هذه الحلاوة بمرارة الكفر، و يكرهُ الكفر لأنه يعلم أن الكفر نار، فمن يحب أن يُلقي نفسَه في النّار. و كراهيةُ الكفر معناها أداءُ حقِّ الإسلامِ في التمسُّك به، و نبذُ المبادئ التي تخالفُ شرعَ الله  و تتعارضَ مع أحكامه كالشيوعية و العلمانيةِ و غيرها.
و إجمالا فإن قوة حلاوة الإيمان و ضعفها و زيادتها و نقصانها هي بحسب قوة الإيمان و ضعفه و زيادته و نقصانه، فكلما زاد الإيمان و قويَ، كلما شعر المسلم بحلاوة الإيمان و وجد لذّة الطاعة، و كلما زادت محبته لربه و خالقه و رسوله كلما زادت حلاوة الإيمان عنده.
Tumblr media
.ظهور الذكاء العاطفي
استخدم مفهوم الذكاء العاطفي لأول مرة في أطروحة دكتوراه من قبل واين باين في عام 1987 كإضافة لنظرية الذكاءات المتعددة، و في عام 1995 ، انتشر مفهوم الذكاء العاطفي بعد صدور كتاب: لماذا الذكاء العاطفي أهم من معدل الذكاء؟ للمؤلف دانيال جولمان.
إن الذكاء العاطفي هو علم جديد من العلوم الإنسانية، و ما يزال جديدا على الغربيين أنفسهم.
ما هو الذكاء العاطفي؟
يشير الذكاء الانفعالي (Emotional Intelligence) إلى القدرة على إدراك العواطف و التحكم فيها و تقييمها. يقترح بعض الباحثين أنه يمكن تعلم الذكاء العاطفي و تقويته، بينما يدعي البعض الآخر أنه خاصية فطرية.
كل التعريفات الواردة في كل الدراسات المتعلقة بالذكاء العاطفي تجمع على معنى للذكاء العاطفي و يمكن تلخيصه في التعريف التالي: "الذكاء العاطفي هو الاستخدام الذكي للعواطف. فالشخص يستطيع أن يجعل عواطفه تعمل من أجله أو لصالحه باستخدامها في ترشيد سلوكه و تفكيره بطرق و وسائل تزيد من فرص نجاحه إن كان في العمل أو في المدرسة أو في الحياة بصورة عامة".
و تقول الدراسات أنه ليس أذكى الناس هم الأكثر نجاحًا أو الأكثر إشباعًا لحاجاتهم في الحياة. ربما تعرف أشخاصًا بارعين أكاديميًا و لكنهم غير مؤهلين اجتماعيًا و غير ناجحين في العمل أو في علاقاتهم الشخصية و الأسرية.
مكونات الذكاء العاطفي
يتم تحديد الذكاء العاطفي و تعريفه بشكل عام من خلال أربع مكونات:
1- إدارة الذات: بمعنى القدرة على التحكم بالمشاعر و السلوكيات و العواطف بطرق صحيحة، مع القدرة على التكيف.
2- الوعي الذاتي: أي فهم المشاعر و تأثيرها على السلوك و الأفكار، و فهم نقاط القوة و الضعف و الثقة بالنفس.
3- الوعي الاجتماعي: و هو مستوى التعاطف و فهم الآخرين، و التقاط الإشارات العاطفية و القدرة على فهم الجماعات.
4-إدارة العلاقات: و هي القدرة على تطوير العلاقات الجيدة و الحفاظ عليها ، و التواصل بوضوح، و القدرة على إدارة الصراع.
سلبيات الذكاء العاطفي
يُعد الذكاء العاطفي من المهارات المُحايدة التي تعتمد على طريقة الشخص في استخدامها و التعامل معها، إما بشكل إيجابي أو سلبي، و فيما يأتي توضيح لبعض سلبيات الذكاء العاطفي:
1- التلاعب في مشاعر الناس:
فهم المشاعر من المهارات المهمة في التواصل مع الآخرين، إلا أنّه يُمكن أن يُصبح طريقة للتلاعب بالأشخاص و إيذائهم، و من الجدير بالذكر أنّ حجم الأذى النفسي الناجم عن ما يُعرف بالتنمر العاطفي يُمكن أن يفوق حجم الأذى الناجم عن التنمر الجسدي بأضعاف.
2- تحقيق مكاسب شخصية:
يُمكن استخدام الذكاء العاطفي كوسيلة للتلاعب بالآخرين و تحقيق مكاسب شخصية، مثل اختلاق أكاذيب عاطفية، أو وضع الأشخاص بمواقف محرجة، أو إظهار مشاعر إيجابية لشخص محدد تزامنًا مع إظهار مشاعر سلبية للأشخاص الآخرين.
3- منع الآخرين من استخدام مهارات التفكير الناقد:
يَعرف الشخص الذكي عاطفيًا كيفية التعامل مع الآخرين، كما يعرف كيفية استخدام عواطفه، و كلماته، و حتى تعابير وجهه؛ و ذلك للتأثير عليهم بأقصى قدرٍ ممكن، و قد يميل إلى استخدام تقنيات تشوبه الواقع، و الحكم السليم على الأشياء و المواقف، بدلاً من مساعدة الناس في اتخاذ القرار السليم، و حل المشكلات عن طريق التفكير الناقد، ممّا يؤدي إلى اتخاذهم قرارات سلبية مبنية على التأثير العاطفي.
4- الشعور بالإحباط عند عدم تقدير مهارة الذكاء العاطفي:
يجد الشخص الذكي عاطفيًا أحيانًا أنَّ بعض الأشخاص لا يقدرون ذكاءه العاطفي كما ينبغي، مثال على ذلك عند البحث عن وظيفة، حيث تميل الوظائف التي تعتمد على الأرقام أو البيانات، مثل المحاسبة أو علوم الحاسوب، إلى إعطاء قيمة أكبر للقدرات التحليلية أكثر من القدرات العاطفية، و قد يؤدي رفض الذكاء العاطفي في مثل هذه الحالات إلى إحباط الشخص، و الشعور بأنَّ مدخلاته وأفكاره غير مرغوب بها.
5- إيجاد صعوبة في إعطاء و تلقي ملاحظات سلبية:
يمتلك بعض أصحاب الذكاء العاطفي العالي حساسية عالية تجاه العلاقات الشخصية، و يولونها اهتمامًا كبيرًا، ممّا قد يجعل من الصعب عليهم تلقي ملاحظات سلبية من الآخرين أو حتى إبداء ملاحظات سلبية للآخرين، كما يُمكن إيصال ملاحظاتهم السلبية بطريقة هادئة و غير انفعالية، ممّا قد يجعل الآخرين غير مبالين بأي ردود فعل سلبية يتلقونها منهم (موقع cornerstone).
الخلاصة
نستنتج مما سبق ذكره أن تطبيقات الذكاء العاطفي في المجتمع الغربي تنساق مع فلسفة المنفعة كما حددها جيرمي بنتام (عالم قانون و فيلسوف إنجليزي و مؤسس مذهب المنفعة)، فالمنفعة لا تلتزم بالأصول الدينية، إذ تقيس صواب العمل أو خطأه بمقدار ما يحققه من منفعة و لذة و سعادة بصرف النظر عن توافقه مع الأخلاق أو مطابقته للدين، فشعار النفعيين: "الغاية تبرر الوسيلة" أي استخدام أي وسيلة لتحقيق هدف المنفعة المقصود. و لا شك أن في هذا انحرافا يهدم أسس العقيدة و يحول المجتمعات إلى غابة تتصارع فيها المنافع بلا ضابط أو رابط.
إن أهم ما يميز الأخلاق في الفكر الإسلامي عن الأخلاق في الفكر الغربي، أن الأولى تأخذ في السواد الأعظم من مبادئها بمفهوم «الحلال و الحرام» كمعيار للحكم على الأفعال. في حين تأخذ في الفكر الغربي بمفهوم «الصواب و الخطأ» في الغالب الأعم من مبادئها (الدكتور خالد حربي- كتاب: الأخلاق بين الفكرين الإسلامي و الغربي).
Tumblr media
الذكاء العاطفي في التصور الإسلامي
في كتابه: الذكاء العاطفي نظرة جديدة في العلاقة بين العاطفة و الذكاء:
يحدد الدكتور ياسر العتيبي الذكاء العاطفي على أنه يعبر عن قدرة الإنسان على التعامل مع عواطفه، بحيث يحقق أكبر قدر ممكن من السعادة لنفسه و لمن حوله. و هو يتبنى هذا التعريف تماشيا مع التصور الإسلامي في العقيدة و السلوك و الأخلاق. و يقول: إن للتفكير علاقة مباشرة مع الشعور، فكثير من المشاعر تتولد في نفوسنا لنمط معين من تفكيرنا، فإذا غيرنا هذا النمط تبدلت تلك المشاعر، إن الذكاء العاطفي يعلمنا كيف نغير من أنماط تفكيرنا، و بالتالي توليد أكبر قدر من المشاعر الإيجابية في نفوسنا.
و يضرب مثلا (هذا متال واحد و الأمثلة لا حصر لها) على ذلك بقوله: ما الفرق بين إنسان يستطيع أن يحافظ على حبال الود مع الأخرين حتى و لو اختلف معهم في الرأي، و إنسان غالبا ما ينهي خلافاته مع الآخرين بخصومات تجعل الآخرين ينبذونه؟ الفرق هو أن الشخص الأول يتعامل مع الخلاف بذكاء عاطفي، أما الشخص الثاني فلا!
و يقول في مكان آخر: إن ما أثبتته الأبحاث من قدرة الإنسان على تغيير نفسه، يتماشى مع المبدأ الذي أقره الله تعالى في كتابه الكريم واصفا النفس البشرية بأنها قابلة للتزكية و التدسية، و أن الإنسان هو الذي يتحمل مسؤولية ذلك قال تعالى:{ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وَ قَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } [الشمس:9-10] و قد أكد نبينا الكريم أن الصفات النفسية يمكن اكتسابها، كما يكتسب العلم، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ( إنما العلم بالتعلم، و الحلم بالتحلم ) [رواه الطبراني في الكبير].
إن مبدأ الذكاء العاطفي بسيط جدا، فهو يعتمد على إعمال الذكاء في العاطفة، و لا يمكن أن نحسن التعامل مع عواطفنا إذا لم نفهم هذه العواطف؟ ما هي أنواعها؟ و كيف تنشأ في نفوسنا؟ ما هي وظيفتها؟ و كيف تؤثر على أفكارنا و تصرفاتنا؟ (لمزيد من التفاصيل يمكنكم تحميل الكتاب من الرابط المشار إليه أسفل المنشور، فالكتاب فيه فائدة و معلومات قيمة تساعد على اكتساب مهارات الذكاء العاطفي، و أنصح أخواتي و إخوتي بقراءته).
حلاوة الإيمان = الإيمان + الذكاء العاطفي
في كتابه: ما فوق الذكاء العاطفي حلاوة الإيمان، يقول الدكتور ياسر العتيبي:
إذا كان الذكاء العاطفي هو أن تعيش و لك هدف و غاية، فإن المؤمن يعيش لله في كل حركة من حركاته و في كل سكنة من سكناته. و عندما تصبح حياة المسلم لله تعالى، فإنه سيشعر بلذة الحب، فالحب ليس شعوراً فقط إنما هو شعور يغذيه فعل الحب، و إن الإنسان الذي يرعى نبتة صغيرة في حديقة منزله حتى تصبح شجرة باسقة سيمتلئ قلبه بحب هذه الشجرة؛ لأنه بذل الكثير من الجهد في تنميتها و رعايتها، كذلك المسلم لا يشعر بمقدار الحب لله إلا بمقدار ما يبذل في سبيل هذا الحب من مجاهدة للنفس، و إعراضه عن الشهوات، و إقباله على الطاعات، و عمل مستمر لنصرة دين الله و إعلاء كلمته.
و يضيف العتيبي قائلا: يبنى الذكاء العاطفي على العلاقة بين الذكاء و العاطفة، أو بين التفكير و المشاعر، و يستطيع الإنسان أن يتعلم أساليب التفكير الإيجابي و أن يستبدل بشكل واع التفكير الإيجابي بالتفكير السلبي، و من ثم يستبدل المشاعر الإيجابية بالمشاعر السلبية، و مهما حاول غير المؤمن أن ينظر إلى الأمور بإيجابية فهو لا يستطيع أن يرى العالم من الزاوية التي ينظر منها المؤمن؛ فالمؤمن يوقن أن الله تعالى هو خالق هذا الكون و أن كل ما يجري فيه من أحداث إنما يجري بتقدير من الله تعالى.
و هكذا يوقن العتيبي: أن تعاليم الدين الإسلامي تعطي الإحساس بالراحة و الاطمئنان يبعثه الشعور بعدل الله المطلق الذي لا يترك محسنا و لا ظالما حيث قال في كتابه العزيز: { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَ مَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } [الزلزلة:7-8].
و يرى العتيبي: أن من أهم مكونات الذكاء العاطفي الانسجام الداخلي، إذ إن الإنسان الذي يعيش في حالة صدق و انسجام بين مبادئه و سلوكه بين أقواله و أفعاله بين سره و علنه يتربع على عرش من الشعور الرائع بالسعادة و الانتصار. و الصدق و الانسجام يفجر طاقات الإنسان الدفينة و يوجه إمكانياته كلها باتجاه الأهداف و المبادئ التي يعيش من أجلها، بعكس التناقض الذي يربك الإنسان و يؤثر على توازنه و بهز شخصيته. و الكذب الذي يدمر شخصية الإنسان و شخصية المجتمع و شخصية الأمة بأسرها كلها هو التناقض الصارخ بين المبادئ و السلوك، بين الأقوال و الأفعال، بين الظاهر و الباطن { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } [الصف:2-3].
ثم يبين العتيبي العلاقة بين الإيمان و الذكاء العاطفي قائلا: إذا كان الذكاء العاطفي يمكن الانسان من التعامل الإيجابي مع ذاته و مع الآخرين حيث يحقق لنفسه و لمن حوله أكبر قدر من السعادة، فإن الإيمان يمكن الإنسان من التعامل الإيجابي مع ذاته و مع الآخرين حيث يحقق لنفسه و لمن حوله أكبر قدر من السعادة في الدنيا و الآخرة، و إن الإنسان يشعر بحلاوة الإيمان عندما يتحلى بمهارات الذكاء العاطفي و يربطها بربه و نبيه و آخرته.
و يقول أيضا: في القرآن و الأحاديث النبوية آيات و أحاديث تنمي كل مكون من مكونات الذكاء العاطفي. و إذا اجتمع الإسلام و الذكاء العاطفي في شخص واحد يتحقق الإيمان الذي فرقه الله تعالى عن الإسلام بقوله: { قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَ لَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ } [الحجرات:14]
فالإنسان المؤمن في رأي العتيبي هو مسلم يتمتع بالذكاء العاطفي. و الإسلام قناعة فكرية محلها العقل، أما الإيمان فهو حلاوة قلبية محلها القلب. و الإسلام يخرج صاحبه من دائرة الكفر، و لكن الإيمان هو الذي يحلق به في آفاق السعادة و الطمأنينة و الإيجابية.
و الإسلام أفكار في الذهن لا تتحول إلى أعمال و بذل و تضحيات إلا بالإيمان، و جاء في الحديث الشريف: ( لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن، و لا يشرب الخمر حين يشربها و هو مؤمن، و لا يسرق السارق حين يسرق و هو مؤمن ) [صحيح البخاري].
و المسلم الذي يتمتع بذكاء عاطفي مرتفع أكثر قدرة على فهم الإسلام و تطبيقه و تحقيق مقاصده من المسلم الذي تعوزه مهارات الذكاء العاطفي، و الإنسان الذي يتمتع بالإسلام و الذكاء العاطفي معا هو المؤمن القادر على جلب أكبر قدر من سعادة الدنيا و الآخرة لنفسه و لمن حوله.
إذن المسلم الذي يتذوق حلاوة الإيمان هو المسلم الذي يتمتع بذكاء عاطفي مرتفع، و إن الذكاء العاطفي يمنحك شيئا من سعادة الدنيا، أما الإيمان فهو يمنحك السعادة كلها في الدنيا و الآخرة. و الذكاء العاطفي يصل بك إلى حالة من الشعور بالسعادة و الرضا يمكن وصفها بالكلمات، أما الإيمان فهو يجنح قلبك و يطلقه في عالم سحري لا يمكن وصفه بالكلمات و لا يعرف روعته إلا من ذاق حلاوة الإيمان { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَ لَا ��َحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ، نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَ فِي الْآخِرَةِ ۖ وَ لَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَ لَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ، نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ } [فصلت:30-32].
Tumblr media
كتاب الذكاء العاطفي نظرة جديدة في العلاقة بين العاطفة و الذكاء للدكتور ياسر العتيبي - لتحميل الكتاب إضغط على الرابط التالي:
52 notes · View notes