أعظم الناس شقاءً ذلك الحزين الصابر الذي قضت عليه ضرورة من ضروريات الحياة أن يهبط بآلامه وأحزانه إلى قرارة نفسه فيودعها هناك، ثم يغلق دونها بابًا من الصمت والكتمان، ثم يصعد إلى الناس باشَّ الوجه، كأنه لا يحمل بين جنبيهِ همًّا ولا كمدًا.
أسأل الله أن يربط على قلبك، ويفرغ عليك صبرًا، فحزن الفقد لا يضاهيه أي ألم، ولن تعود الحياة كما كانت، إن الأيام القادمة ستكون صعبة، مشاعر الألم شديدة ولا تصدق، ولا أحد مهما كان خبيرًا سيعلم ما الذي يجري داخلك، ولا أحد سيفهم ماذا يعني لك من فقدته.
خذ وقتك واسمح لمشاعرك أن تأخذ مجراها، من البكاء، عدم الحديث، البقاء لوحدك، إن من فقدت لم تكتب له الحياة المديدة منذ البداية، هذه هي حياته عندما توقفت هنا، ومما يخفف علينا أننا سنلتقي بهم يوما عند رب العالمين، وحتى ذلك الحين، لابد للحياة أن تستمر، لن تعود كما كانت لكن تستمر.
ومع ذلك لا بأس أن تعتني بنفسك خلال الفترة ما بعد الصدمة، بعد الفقد بأيام، لابد أن تتحدث إلى أحد، وتفرغ ما بداخلك، كيف كانت الحياة معه، وكيف هي الحياة بدونه، ماذا تشعر، ما الأفكار في ذهنك، ماذا تفعل، وما هي التساؤلات في خاطرك، وماذا تود أن تقول لو كان حيًا، صف نفسك واكتب كلماتك.
احذر الشعور بالذنب، عادة ما يغزونا هذا الشعور بعد الفقد "ليتني" لا تفعل، فلست مذنبًا في شيء، قضاء الله نافذ، ولم يكن بيدك شيء، ومهما فعلت ستصل الأمور لنفس النتيجة ما دامت الأقدار مكتوبة، ما يمكنك فعله الآن هو مواساة أهل بيتك، والبقاء معهم، من الصعب أن تنام أو تأكل، لا بأس عليك.
ليس مطلوبًا منك أن تكون قويًا، بل مطلوب منك أن تكون إنسانًا طبيعيًا، تجاهلك للألم وكأن شيئًا لم يحصل لن يخفف من الألم بل يزيده، لا تتصنع القوة، كن كما أنت، في الألم والحزن والبكاء والتعب، دع مشاعرك تخرج ولا تقمعها لأجل الآخرين، أنصح بالحركة، وليس النوم، مثل المشي ولو لوحدك.
نحن نحتاج وبشدة دائما وأبدًا خاصة في الأوقات الصعبة للجوء لله عز وجل، وقراءة القرآن، وقراءة المقالات والكتب لنتقوى بها، مثل كتاب "عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين" لابن القيم، والإكثار من الدعاء، والفزع للصلوات، والصدقات، فالجانب الإيماني قوي جدًا في التخفيف على النفس.
إن مرور الزمن لن يجعل الألم يتلاشى، فالفقد عظيم، لكن مرور الوقت يجعلنا نتعافى لنمضي في حياتنا ومعنا هذا الألم، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله، هناك أمور في هذه الحياة أقوى من إرادتنا، وما لنا إلا الصبر والاحتساب، يا رب ارحم ضعفنا.
كان يستيقظ كل صباح ولديه الرغبة في فعل الصواب، وفي أن يكون شخصاً صالحاً وذا معنى، وأن يكون سعيداً، على الرغم من بساطة الأمر، ومستحيلاً كما كان في الواقع. وكان في كل يوم ينزل قلبه من صدره إلى بطنه. بحلول وقت مبكر من بعد الظهر، تغلب عليه الشعور بأنه لا يوجد شيء على ما يرام، أو أنه لم يكن هناك شيء صحيح بالنسبة له، والرغبة في أن يكون بمفرده. بحلول المساء كان قد اكتمل: وحيداً في حجم حزنه، وحيداً في ذنبه الذي لا هدف له، وحيداً حتى في وحدته. أنا لست حزيناً، كان يردد لنفسه مرارا وتكرارا، أنا لست حزيناً. وكأنه قد يقنع نفسه ذات يوم. أو يخدع نفسه. أو إقناع الآخرين - الشيء الوحيد الأسوأ من الحزن هو أن يعرف الآخرون أنك حزين. أنا لست حزين. أنا لست حزين. لأن حياته كانت تنطوي على إمكانات غير محدودة للسعادة، بقدر ما كانت عبارة عن غرفة بيضاء فارغة. كان ينام وقلبه عند أسفل سريره، مثل حيوان أليف لم يكن جزءاً منه على الإطلاق. وفي كل صباح كان يستيقظ وهو يحمله مرة أخرى في خزانة قفصه الصدري، بعد أن أصبح أثقل قليلاً، وأضعف قليلاً، لكنه لا يزال يضخ الدم. وبحلول منتصف الظهيرة، تغلبت عليه مرة أخرى الرغبة في أن يكون في مكان آخر، شخصاً آخر، شخصاً آخر في مكان آخر. أنا لست حزين.
يعني النجاح هيجيلك في أوانه والشغل هيجيلك في أوانه، والجواز هيجيلك في أوانه، والخلفه هتجيلك في أوانها..
و اللي فاتك مكانش ينفع تاخده، و اللي اخترته مكنش ينفع تسيبه، و لو رجع بيك الزمن لاخترت نفس اختياراتك، وأنت في المكان و الهيئة اللي المفروض تكون فيها بالضبط..
والندم على اللي فات ملوش لازمة، و كتر التفكير فيه حماقة و تضييع وقت، و تخيل سيناريوهات بديلة و الحكم عليها بأنها هتأدي لحال أفضل من حالك الحالي هو الجهل..
فارتاحوا: "فما أصابك لم يكن ليخطئك، و ما أخطأك لم يكن ليصيبك."