"لا يكتب الإنسان كتابا في يومه إلا قال في غده: لو زيد هذا لكان أحسن، ولو نقص هذا لكان يستحسن.. وهذا من أبلغ العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر. "
كثيرًا ما نمرّ على قصصٍ لأُناسٍ كانت لهم في رمضان نقطةُ تحوّل، ولحظاتٍ فارقة غيّرت مجرى حيواتهم. إمّا بدعاءٍ مُجاب أو بهدايةٍ انبثق نورُها في صدورهم وظلّ مُشعًّا بفضلِ الله حتى بعد انسلاخِ الشّهر.
ولو استنطقتُ كلّ واحدٍ منكم لباحَ بأسرارِه وأخباره، ولانهمرت مشاعره وفاضَ حنينه لتلكم اللحظات في رمضانٍ مضى كان له فيه قصّة ما زالت غضّةً طريّة في نفسه، وهو اليوم يعيشُ أخرى بكرمٍ من الله عز وجل.
أُحبّ أن أسترجع ما كان من فضلٍ قد أسبغه الله عليّ في رمضان قد طوتُه الأيام ، لكنّ ذكراه لم تُطوَ ، لأنّه جزءٌ كبيرٌ مما صرتُ عليه اليوم. لقد كانت فيه خطوتي الأولى نحو الله تعالى مع تعثّراتي التترى، وكانت فيه لحظةُ انبثاقِ النّور في صدري والانعتاق من الظّلمةِ والوحشة. وكان دعائي فيه كالزّاد الذي أحمله معي في سفري ، وأتقوّى به في قادمِ الأيام. وكلّ اللحظات التي عشتُها فيه هي بمثابةِ الغذاءِ لروحي كي لا تُكسَر ، ولا تقنط ، ولترضى بما قد يُخبَّأ لها من قدرٍ تكرهه ، وآخر تِحبّه ولكنه لا يلائمها لحكمةٍ اقتضاها الإله.
لستُ أبالغ إن قلت أن الدعاء ، وفي رمضان خاصّة كان هو الذي أوقفني على قدميّ بعد اعوجاجٍ وانكسار، ولا أشك أن الله عزّ وجل ابتدأني برحمةٍ لا أرى نفسي أهلًا لها حيث ألهمني دعاءه، وهو سبحانه الوهّاب ذي الطّول الذي يمنّ على عباده بصنوفِ النّعم ويهبهم من واسعِ عطائه مع عدم استحقاقهم لشيءٍ منها.
أحبّ أن أسترجع كل تلك الرحمات والأفضال، لأذكّر نفسي أنني لستُ بشيءٍ لولا فضلُ اللهِ وستره، وأذكّر غيري بما في أيدينا جميعًا من فرصٍ عظيمةٍ وسانحةٍ للتغيير، والتخلّص مما يعرقل مسيرنا نحو الآخرة.
السرّ في رمضان في كونه زمانٌ للتقرّب ، لاتخاذ الخطوة الأولى ، وإثبات الخطوات السّابقة ، لانتهازِ الخلوةِ وللتمرّنِ على التخلّي، ولتوطينِ النّفس على توديعِ المحبوبات عن اختيارٍ ومحبّةٍ ، استعدادًا للوداعِ الأكبر الذي لا خيارَ فيه.
من الممكن أن يبدو للبعض أنه من غريب جدا أن أتحدث في العيد عن القدر و النصيب و لكن في الواقع هذا ما يحدث غالبا عندما نجتمع لنهنئ أحبابنا بهذه المناسبة تجد بعض الناس ينقضون عليك بأسئلة و كأنهم يحاسبونك على ما لم تحققه في غيابهم أو على ما لم يرزقك الله به … بعضهم تكون نيتهم طيبة و البعض يسأل ليجعلك تشعر بالأسف على حالك و أنه قد فاتك قطار الحياة : لماذا لم تتزوج ، ألم تحصل على ترقية في العمل ، هل مازلت تعمل بنفس الراتب ، لقد اكتسبت وزنا كثيرا أو لقد جعلتك خسارة الوزن تبدو قبيحا ، هناك أيضا هذا النوع من الناس : آه على حظك لقد جاء عيد آخر و لم يأت نصيبك بعد اني أدعو لك باستمرار .. 😅
من المؤسف أن أقول أن هذه الظاهرة أصبحت عادية لكن من المحزن أن تستمر في يوم بركة .. اليوم الذي يجب أن ندخل السعادة في قلوب الناس على الأقل هذا اليوم ألا تستطيع هذه الشريحة من المجتمع أن تحصل على إجازة من هذا الطبع و لو ليوم واحد أم أن جبر الخواطر أصبح بالفعل خُلُقا نادرا 🙌
"أدركنا منذ زمن طويل أنه لم يعد بالإمكان قلب هذا العالم، ولا تغييره إلى الأفضل، ولا إيقاف جريانه البائس إلى الأمام. لم يكن ثمة سوى مقاومة وحيدة ممكنة: ألّا نأخذه على محمل الجد".
لكل نفس يخرج من صدرك، لكل صبح كُتب لك الإستيقاظ حيًا فيه، الڨوت الذي تبلل به كبدك الجائعة صياما، العقل العاقل المفكر و المجيب و المدرك، و الإنترنت الذي جعلك تمر بهذه التغريدة.
أمتن و ستغرق النعم بتقديرك و ستستحق زيادتها مادمت تشكره و تحفظها.
اسوء المخاوف، قد تكون مرض ما ، وقد تكون الوحده في احلك الاوقات، اسوء المخاوف ترتبط ارتباط وثيق بالانسان ونفسه، ومدى تغلب اهواءه على عقله في قرارته اليومية شديدة البساطة.
اسوء المخاوف، قد تكون موت الأعزاء على أفئدتنا، ربما تكون غربة أفكارنا وسط عالم تملأوه السخرية في كل دقيقة.
اسوء المخاوف التي لا تفكر فيها، لكنها تسيطر على كل دقيقة من عمرك، ينبغي اعادة تعريفها من آن لآخر، تقول الاسطورة مجهولة المصدر، ان المخاوف في ذاتها اية مخاوف، تكمن في داخلنا، ينتهي نصفها اذا قمت بصيدها كتابة!
لكن تبقى تلك مجرد أسطورة، يبقى السؤال كما هو، ماهي أسوء مخاوفك كانسان؟