أبحثُ عن ساقين قويتين، أقوى من تلك التي أورثني اياها ابواي، ساقين مَرنتين يؤهلانني للركضِ أربع وعشرين ساعة في اليوم خلف الرزق دون أن أنهار من التعب، عن جسدٍ صلبٍ غيرَّ هذا الهش الذي ارتديه، جسدٍ كالإسمنت يمكنني من حملِ ناطحاتِ سحابٍ من الهموم، كتلكَ التي تؤسسها الحياةُ فوق كتفي فَلِذةِ كَبدِك، أبحثُ عن كفين من فولاذ، لايصدءآن، كفينِ يمكناني من القبضِ على جمرِ المصائبِ طوال العمر دون أن يسمع مني أحدٌ كلمة " لقد تعبت"، أحتاجُ قلباً صلباً لا ينكسرُ لمشهدِ موتٍ في فلمٍ هوليودي، أو منظر صبي مشلول، يبعُ المحارم على أرصفة العابرين، كل صباح وأريد عينين من بلور، عينين، أو حجرين من رُخام لا تذرفان الدموع كلما مرت في البال ذكرى لأحد الغائبين. أريد جسداً لايشبهني ابداً جسداً لا يُبتلى بهشاشةٍ، مهما طحنتهُ رحى الأيامِ، او عمراً آخر، أقلَّ إيلاماً.
لكل قبيلة عربية صميمٌ وبيت، والبيت هو العشيرة الأكثر شرفا والأبعد أثرا في تلك القبيلة والقارئ لأنساب العرب يعلم هذا جيدا، ففي قريش البيت لبني عبد مناف بشقيهم: هاشم وعبد شمس.
وفي تميم: بنو زرارة بن عدس من حنظلة وهم قوم حاجب بن زرارة صاحب القوس الشهيرة.
وفي مذحج البيت لبني عبد المدان من الحارث بن كعب.
وفي ربيعة البيت لآل الجدين من شيبان من بكر بن وائل، وبنو جُشَم بن بكر من تغلب وهم قوم المهلهل وكليب
وفي كِندة البيت لملوك بني معاوية الأكرمين.
وفي غسان البيت لآل جفنة وهم ملوك غسان بأرض الشام.
وفي لخم البيت للمناذرة ملوك الحيرة بنو ماء السماء.
وفي حِمْيَر البيت للتبابعة بنو عبد كلال وهم بقية الملوك بأرض اليمن.
وفي طيء البيت لبني عدي وهم أشراف قومهم ومنهم حاتم الطائي الجواد.
وفي قضاعة: البيت لبني جناب بن عليم قوم زهير بن الجناب عامل الكنديين على معدّ.
وفي عبس البيت لبني جذيمة قوم الملك زهير وابنه قيس.
وفي ذبيان البيت لبني بدر.
وفي عامر بن صعصعة البيت لبني كلاب قوم ملاعب الأسنة وعامر بن الطفيل ولبيد بن ربيعة.
نحن لا نكبُر..! نحن نخلع رداء الطّفُولة الشّفاف ثم نُخبئه في صندوق عُمرنا المُقفل، حتى إذا ما إلتقينا بمن نُحبّ أن يرى أرواحنا كما هي عفويّة وساذجة ، لبسنا الطّفُولة القديمة وعُدنا صغارًا ، نركض في شوارع الزّمن ، مُفعمين بما يسكبُهُ الحُبّ فينا من شغفٍ وشغب .